تاريخ النشر الأصلي 2020-08-03 22:17:43.
م. محمود صقر
حجر الزاوية في معرفة الدين الحق هو معرفة تصوره عن الإنسان:
الإنسان في الإسلام ليس هو المخلوق الحقير المذنب وارث خطيئة آدم، وليس هو المبرَّأ من خطيئة حملها عنه غيره.. ليس هو المخلوق عبثا في حلقة لا نهائية بين أرحام تدفع وأرض تبلع.. ليس هو إنسان داروين سليل القرود.. ليس هو إنسان الفلسفة العدمية التافه الضائع الذي يموت إلى الأبد.. ليس هو إنسان الفلسفة الوجودية إله نفسه في مجتمع ليبرالي يشرع لنفسه ويحدد قِيَمَه.. وليس هو مجرد تِرْس في عجلة الإنتاج لمجتمع شيوعي.
الناس في الإسلام ليسوا طبقات: بيضاء وسوداء.. براهمة ومنبوذين.
وليسوا شعبين: شعبا مختارا.. وأمميين.
وليس لهم تشريعان: أحدهما للعموم.. وآخر للرهبنة والكهنوت.
الناس في الإسلام سواسية لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى.
الإنسان في الإسلام الذي هو الدين الحق هو :
نفخة من روح الإله.. خليفة الله في أرضه.. حامل أمانته.. مستودع علمه.
إنسان يملك حق الاختيار {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}.. مسئول عن أفعاله {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.. لا واسطة بينه وبين خالقه {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}.
أصل الإنسان في الإسلام قطعة من طين الأرض، ونفخة من روح الإله.. خليط من الأرض والسماء.
وعن هذا التصور أتت تشريعاته لتوازن بين فطرته الممزوجة من العنصرين: لم يطالبه بهجر مملكة الدنيا انتظارا لمملكة السماء..
ولم يضعه أمام خيارين لا يمكن الجمع بينهما: الدنيا أو الآخرة؛ بل جمعهما في توازن {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}.
دلالة الدين الحق هي اتساقه مع فطرة الإنسان، وتلك هي أخص خصائص الإسلام وميزته التي لا يشاركه فيها مذهب ديني أو أرضي.. ومن أراد أن يفصل الإسلام عن حياة الناس فسيكون كمن يفصل روح الإنسان عن جسده.
الإسلام هو دين الناس.. كل الناس.
ورسوله: {رحمة للعالمين}.
وإلهه: {رَبّ النَّاسِ * مَلِك النَّاس * إِلَه النَّاسِ}.