أبو مليح: هذا ما لا يسع المسلمة جهله من أحكام الصيام

تاريخ النشر الأصلي 2019-04-30 01:09:33.

حاورته: سمية محمد (خاص بموقع "المهتدون الجدد")

ما حكم صيام الحامل والمرضع؟

ما حكم أخذ حبوب لتأخير الحيض إلى ما بعد رمضان؟

ما حكم الحامل التي أدركها رمضان وعليها قضاء؟…

هذه بعض التساؤلات التي تعرض للنساء قبيل دخول شهر رمضان كل عام.

حملنا هذه الأسئلة وغيرها إلى الدكتور رجب أبو مليح -الأستاذ المشارك ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة السلطان عبد الحليم معظم شاه الإسلامية العالمية بماليزيا- ليبين الحكم فيها من خلال هذا الحوار:

– بداية ماذا تقول للمسلمات للاستثمار هذا الشهر المبارك، خاصة مع وجود الأطفال والمسؤوليات الأخرى التي لا يخلو منها بيت؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صل الله عليه وسلم.

نقول للأخوات المسلمات في شتى بقاع الأرض: كل عام وأنتن إلى الله أقرب، وعلى طاعته أدوم، كل عام وأنتن بخير، نسأل الله أن يتقبل منا ومنكن الصيام والقيام، وأن يجعل أيامنا كلها أيام طاعة وبر وتقوى.

ثم أقول لهن: لا تحزن إذا شُغلتن بأمر الزوج أو الأولاد عن الإكثار من النوافل، فلعل قيام المرأة على أمر بيتها، ورعايتها لزوجها وأبنائها،  وإدخال السرور على أهلها وجيرانها أثقل في ميزان الله عز وجل من النوافل، وأذكركن بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي ذكر فيه أن امرأة كانت تكثر الصيام والقيام، لكنها تؤذي جيرانها فقال: “لا خير فيها هي من أهل النار، وذكر له امرأة كانت قليلة الصيام والقيام – يقصد التطوع بالصيام والقيام – ولكنها كانت تحسن إلى جيرانها فقال: هي من أهل الجنة”.

وهذا في شأن الجيران؛ فكيف بمن تحسن إلى زوجها وأبنائها وأقاربها في هذا الشهر؟

والمهم هنا أن تستحضر المرأة النية في كافة أعمالها؛ فبالنية تتحول أعمال المرأة في بيتها إلى عبادة وطاعة.

ما حكم صيام الحامل والمرضع؟ وإن أفطرتا فهل عليهما قضاء أم الإطعام  فقط؟

صيام الحامل والمرضع أو إفطارها يرجع فيه إلى الطبيب أو الطيبة المسلمة الثقة، فليس كل مرضع ولا كل حامل يجوز لها الإفطار في نهار رمضان، فلا بد من أن يكون هناك خطر على الأم أو على الجنين، والذي يحدد هذا هو الطبيب المتخصص، فإن رأى الطبيب أن هناك خطرا على الجنين أو الأم فعلى المرأة الإفطار وقضاء  الأيام التي أفطرتها بعد  انتهاء الحمل أو الإرضاع.

فإن تعاقب على المرأة الحمل والإرضاع فلا يأتي رمضان إلى وهي حامل أو مرضع، وتعذر عليها الصيام بعد مراجعة الطبيب المسلم الثقة ففي هذه الحالة تنتقل إلى الفدية وهي إطعام مسكين وجبتين مشبعتين عن كل يوم أفطرته، ويحدد الطعام على حسب حالة المرأة من العسر أو اليسر.

امرأة حدث لها نزيف وهي حامل أثناء رمضان.. هل يصح لها أن تصوم وتصلي؟

  • إذا حدث نزيف للمرأة وهي حامل ولم يكن هذا دم النفاس الذي يعقبه نزول الولد فليس عليها شيء، وعليها أن تنظف موضع الدم وتتوضأ لكل صلاة وتصوم بشكل طبيعي؛ فلا أثر لدم النزيف أو المرض على عبادة المسلمة؛ حيث إنه لا يعتبر دم حيض ولا دم نفاس.

أما إذا كانت المرأة  غير حامل، وتأكدت المرأة أنه ليس دم  حيض، ويمكنها معرفة ذلك بمراجعة الطبيبة المتخصصة، أو من خلال العادة، فإن لم يكن دم حيض ولا دم نفاس فلا يترتب عليه شيء فعليها الصيام والصلاة ولا أثر لهذا الدم على العبادات وهو ما يعرف بدم الاستحاضة، أو دم العلة والمرض .

ما حكم الحامل إذا أدركها رمضان وعليها أيام قضاء، خاصة إذا كانت في شهرها التاسع ولا تستطيع القضاء؟

على المرأة التي أفطرت في نهار رمضان بسبب الحيض أو النفاس أو المرض أن تبادر بقضاء هذه الأيام قبل رمضان التالي، فإن تعذر ذلك ولم تستطع فعليها القضاء بعد انتهاء شهر رمضان، فإن كانت تركت هذا الصيام تكاسلا تأثم ويجب عليها القضاء، والفدية عند جمهور الفقهاء، وإن تركته لعذر فلا إثم عليها، فإن استمر هذا العذر كأن يكون المرض مزمنا، أو يتعاقب عليها الحمل والإرضاع فعليها الفدية كما سبق أن ذكرنا وهي إطعام مسكين وجبتين مشبعتين عن كل يوم أفطرته، ويجوز لها أن تخرج القيمة عند بعض الفقهاء.

  • ما حد النفاس؟ وإذا جاء رمضان، وزاد عن هذا الحد.. فهل عليها الصوم؟

  • على الرأي الراجح عند الفقهاء لا يوجد حد أدنى للحيض أو النفاس فالعبرة بانقطاع الدم، فإذا انقطع الدم عن الحائض أو النفساء يحق لها أن تغتسل وتمارس حياتها من صيام وصلاة وغيرها، وإن زاد دم النفاس عن أربعين يوما عند بعض الفقهاء أو ستين يوما عند البعض الآخر يعتبر الدم الذي ينزل بعد ذلك دم استحاضة لا أثر له على العبادة أيضا..
  • يحدث أن بعض النساء ينقطع دمها بعض الأيام، ثم يعود.. فهل تحتسب طهراً أم حيضاً ونفاساً؟

  • أما التي ينقطع عنها الدم ثم يعود فتستطيع عن طريق الطبيبة المسلمة المتخصصة أو عن طريق العادة أن تميز بين دم الحيض الذي يعرف بلونه الذي يميل إلى السواد ورائحته الكريهة وبين دم الاستحاضة، فإذا كان دم حيض أخذ حكمه وإن كان دم استحاضة أخذ حكمه.
  • ما حكم علاج الأسنان للصائم؟

يفضل في علاج الأسنان أن يكون في الليل أو بعد انتهاء رمضان، فإذا كانت الحالة لا يمكن تأخيرها ولم يتمكن المريض من الحصول على طبيب في الليل جاز له علاج الأسنان وخلعها وتنظيفها، ويجتهد ما استطاع ألا يبتلع شيئا، فإن ابتلع شيئا رغماً عنه وبدون قصد فلا يؤثر هذا على صيامه إن شاء الله.

  • هل يجوز أخذ حبوب أو حقن أو أي وسائل أخري لتأخير نزول الحيض أو النفاس في رمضان؟

بعض النساء يأخذن حبوبا أو دواء لتأخير الدورة الشهرية حتى تستطيع صيام رمضان وقيامه كاملا، والأولى أن تترك المرأة الأمور لطبيعتها فهذا أمر كتبه الله على بنات آدم كما أخبر المعصوم صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها، لكن إذا أرادت ذلك فعليها بمراجعة الطبية أو الطبيب المختص فإن لم يترتب على ذلك ضرر فلا مانع من أخذ هذا الدواء.

  • تعاني بعض النساء من أمراض وتحتاج لتناول العلاج مثل بخاخ الربو أو قطرة العين والأنف والأذن والحقن فهل يصح استعمال هذه الأشياء؟ وقد تحتاج المرأة إلى وضع مراهم أو مرطبات على الجلد أو الوجه فهل يؤثر هذا على صحة الصيام؟

استخدام الدهانات التي تستعملها المرأة على جلدها، أو قطر العين، أو الأذن أو الانف أو بخاخ الربو لمن يعاني من ضيق التنفس، وكذلك الحقن بكل أنواعها في العضل أو الوريد أو تحت الجلد، وكذلك الأقراص التي يستعملها من يعاني من الذبحة الصدرية، وكذلك المضمضة وغسول الفم وغيرها من الوسائل العلاجية التي يحتاجها المسلم لا أثر لها على صحة الصيام كما قرر ذلك مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي وكذلك كثير من الفقهاء المعاصرين.

وقد تحتاج المرأة للذهاب إلى طبيبة النساء في نهار رمضان لفحصها عن طريق اليد أو عن طريق الأجهزة الطبيبة الحديثة، فكل ذلك لا يؤثر على الصيام، وإن كان الأفضل تأخيرها إلى الليل إن كان ممكنا، فإن تعذر فلتذهب ولا حرج.

  • هل نقل الدم خلال نهار رمضان يفطر ؟

بالنسبة لنقل الدم فالمريض الذي وصل إلى هذه الحالة فعليه الفطر والأخذ بالرخصة والقضاء بعد الشفاء، لكن إذا كان الصيام لا يؤثر عليه ولا يؤخر الشفاء فنقل الدم لا يفطر الصائم.

  • بعض النساء يحزن إذا جاءهن الحيض في رمضان، ويعتقدن أن الله غير راض عنهن.. فماذا تقول لهن؟

نعم كثير من النساء يحزن إذا جاءهن دم الحيض أو النفاس في رمضان، وقد تظن المرأة أن هذا علامة من علامات عدم القبول، وأن الله لو كان راض عنها ما ابتلاها بهذا في رمضان، وهذا فهم غير صحيح، ونقول للمرأة: إن الله سبحانه وتعالى يكتب لها مثل أجر ما كانت تصوم وتقوم قبل الحيض والنفاس، فما دامت قد عزمت ونوت أن تصوم شهر رمضان كاملا أو تقومه كاملا فسيكتب الله لها هذا العمل ما دامت تركته لعذر شرعي.

والمرأة الحائض أو النفساء يمكنها أن تستعيض عن الأمور التي منعت عنها وهي الصيام والقيام ومس المصحف بالذكر والدعاء وقراءة القرآن من ذاكرتها أو الاستماع إليه بصوت من تريد من القراء، كما يمكنها القراءة من النسخ (الإلكترونية) على الهاتف  أو الحاسب الآلي أو غيره فهو لا يأخذ حكم المصحف، فأبواب الخير مفتوحة ولم يضيق الله عليها، وإن كان منعها من بعض العبادات لحكمة يعلمها فهي تؤجر على ترك ما نهى الله عنه كما تؤجر على  فعل ما أمر الله به.

 

                   

مواضيع ذات صلة