صلوات مخصوصة.. أحكام صلاة الكسوف و الخسوف

إعداد/ فريق التحرير

الكسوف و الخسوف

الكسوف و الخسوف من آيات الله تعالى الكونية.. التي يرسلها لعباده تنبيها لهم.

فرضت الشريعة الإسلامية على المسلم خمس صلوات فقط في اليوم و الليلة.. غير أن هناك عددا آخر من الصلوات له أحكام خاصة أخرى سنتعرف عليها من خلال هذه السلسلة…

تعريف ظاهرتي الكسوف و الخسوف

أولا: كسوف الشمس

كسوف الشّمس ظاهرة كونيّة طبيعيّة تحدث خلال ساعات النّهار عندما يكون القمر واقعاً بين الشمس والأرض، بحيث تكون الشمس والقمر والأرض على خط واحد واستقامة واحدة؛ فهنا يحجب القمر جزءاً من الشمس وأشّعتها عن مناطق مُحدّدة من الأرض أثناء عُبوره في مداره الطبيعي، وبذلك يفرض ظلّه وظلامه على الأرض، وفي هذه الحالة يُسمّى الكسوف كسوفاً جزئيّاً. أمّا الكسوف الكليّ للشمس فيحدث عندما يحجب القمر الشّمس كلّها ويكون أقرب للأرض.

ثانيا: خسوف القمر

تُعرَف ظاهرة خسوف القمر بأنّها ظاهرة كونيّة موجودة منذ الأزل تحدث للقمر عندما يكون بدراً، وهي من الظَّواهر الطبيعيّة التي تدل على عظيم قدرة الله تعالى، فالقمر والأرض يدوران حول الشمس، وفي أثناء الدَّوران للقمر والأرض حول الشَّمس يحدث أن تقع هذه الثلاثة- الأرض والشمس والقمر- على استقامةٍ واحدةٍ، ممّا يؤدي إلى وقوع الأرض في المنتصف بين كوكب الشَّمس والقمر؛ فتحجب الأرض ضوء الشَّمس كُليّاً أو جزئيّاً عن القمر ممّا يؤدي إلى إعتام القمر في منتصف الشَّهر القمريّ أي نرى القمر مظلماً جزئيّاً أو كليّاً.

الكسوف و الخسوف من آيات الله تعالى…

قال الله تعالى: “… وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا” (الإسراء:59)، وقال: “… وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا” (الإسراء:60).

فالشمس والقمر من آيات الله، فإذا قامت القيامة كورت الشمس وخسف القمر، وجمع الشمس والقمر، وقد جعل الله الخسوف والكسوف في الدنيا تذكيراً للعباد.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم عند حدوث هذه الآية العظيمة يفزع إلى الصلاة، فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الكسوف فزعا خائفا حتى أنه أخذ لباس زوجته بدلا من ردائه خطأً لانشغال ذهنه بقيام الساعة حتى أدركه شخص خلفه بردائه كما في صحيح مسلم من حديث أسماء (كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ففزع فأخطأ بدرع حتى أُدرك بردائه).

وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا، وَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ).

حكم صلاة الكسوف و الخسوف ووقتها

صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر سنة مؤكدة.. وتسمى بصلاة الكسوفين.

ووقتها من ابتداء الكسوف أو الخسوف إلى ذهابهما، ولا تصلى حتى يرى الناس تلك الظواهر لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا رأيتم شيئاً من ذلك فصلوا حتى ينجلي) رواه مسلم.

ولا يسن لها أذان ولا إقامة اتفاقاً.. ويستمر المسلمون في صلاتهم إلى أن تنقضي تلك الظواهر.

صفة صلاتي الكسوف و الخسوف

عَنْ عَائِشَةَ –رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: (خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ بِالنَّاسِ، فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ وَهُوَ دُونَ الرُّكُوع الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الْأولَى، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدِ انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا الله وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا)(رواه البخاري).

وعلى ذلك إِذا حصل كسوف أو خسوف.. ينادى للصلاة بقول: الصلاة جامعة.

فإِذا اجتمع الناس صلى بهم الإِمام ركعتين طويلتين، يجهر فيهما بالقراءة، يقرأ في الركعة الأولى الفاتحة ثم سورة طويلة، ثم يركع ويطيل الركوع، ثم يرفع قائلاً: «سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد» ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة أقصر من الأولى، ثم يركع ويطيل الركوع أقصر من الأول، ثم يرفع قائلاً: «سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد»… إِلخ، ثم يسجد سجدتين طويلتين، يجلس بينهما ولا يطيل الجلوس، ثم يرفع من السجدة الثانية مكبرًا، ويصلي الركعة الثانية كالركعة الأولى بقيامها وركوعها وسجودها، ولكنها دُوْنَها في المقدار، ثم يجلس ويتشهد ويسلم.

فيكون الجميع ركعتين.. في كل ركعة قيامان وقراءتان وركوعان وسجودان.

سنن صلاتي الكسوف و الخسوف

1- أن تصلى في جماعة، وإِن صُليت فرادى فلا بأس.

2- أن تكون في المسجد، ولا مانع من خروج النساء لها.

3- التطويل في الصلاة، بقيامها وركوعها وسجودها، إِلا إِذا انجلى الكسوف أو الخسوف فيتمها خفيفة.

4- أن الركعة الثانية أقصر من الأولى بقيامها وركوعها وسجودها.

5-الموعظة بعدها، وتذكير الناس بقدرة الله، وبيان حكمة الكسوف، والحث على فعل الطاعات وترك المنكرات.

6-كثرة الدعاء والتضرع والاستغفار والصدقة وغير ذلك من الأعمال الصالحة؛ حتى يكشف الله ما بالناس.

7- يجوز رفع اليدين في الدعاء في الكسوف؛ لحديث عبد الرحمن بن سمرة رضى الله عنه قال: فأتيته وهو قائم في الصلاة رافع يديه (رواه مسلم).

مسائل متفرقة في صلاتي الكسوف و الخسوف

– تشرع صلاة الخسوف عند رؤيته بالبصر؛ لحديث: (فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَصَلُّوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ)، فلو حال غيم دون رؤية الخسوف فلا تُشرع الصلاة.

-على فرض أنه رئي خسوف القمر قبل غروب الشمس، فلا يصلي الخسوف إلا بعد الغروب؛ لأن القمر آية الليل.

– إذا اجتمعت صلاة الخسوف أو الكسوف مع صلاة حاضرة من الصلوات الخمس، فتقدّم صلاة الفرض، ثم تُصلى صلاة الخسوف أو الكسوف.

– إذا انتهوا من صلاة الفرض، فلا مانع أن يأتوا بأذكارها وسنتها الراتبة، ثم يشرعون في صلاة الخسوف.

– يشرع النداء (الصلاة جامعة) ولو كان الناس في المسجد بعد الفريضة مجتمعين، وذلك عملا بالسنة، وتنبيها لمن لم يحضر كالنساء والمرضى في البيوت.

– من حضر المسجد أثناء صلاة الخسوف، ولم يصل المغرب صلاها أولا، ثم دخل معهم في صلاة الخسوف.

-إذا دخل المسجد وصلى معهم بنية المغرب، ثم تبين له أنهم يصلون الخسوف نوى المفارقة وأتم لنفسه المغرب، ثم لحقهم في صلاة الخسوف نظراً لاختلاف الصفة.

-إذا انتهت صلاة الخسوف أو الكسوف قبل انجلائهما انشغلوا بالذكر والدعاء والاستغفار حتى ينجليا، والرباط في المسجد حسن يحقق مصالح شرعية.

فاللهم احفظ بلاد المسلمين من أي ظاهرة كونية تؤثر بالسلب على البلاد والعباد، وقنا الشرور والفتن ما ظهر منها وما بطن..

برحمتك يا أرحم الراحمين.

__________________________________________

المراجع:

  • موقع موضوع.
  • فقه العبادات.
  • موقع الشيخ/ محمد صالح المنجد.
  • مركز الفتوى.
  • صيد الفوائد.

مواضيع ذات صلة