إطعام الطعام.. إشباع للقلوب و الأرواح قبل الأفواه!

تاريخ النشر الأصلي 2018-05-10 13:30:26.

من ثمرات إطعام الطعام في المجتمع نشر الدين الإسلامي بين الذين يجهلون به، فعندما يشاهِد غير المسلم كرم المسلم وحبه لأخيه المسلم فإنّ ذلك يحببه في الدين…

(مقتطف من المقال)

إعداد/ فريق التحرير

إطعام الطعام

سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: (تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ) (متفق عليه).

على أبواب شهر الخير.. تستعد الجمعيات الخيرية في شتى دول العالم الإسلامي لتجهيز ولائم إفطار الصائمين، ويستعد بعض البسطاء أيضا بتجهيز لوازم وجبات بسيطة يوزعونها في الشوارع والطرقات على المحتاجين، أو المارة الذين أدركهم موعد الإفطار.

حالة من السعادة والراحة والحبور يشعر بها ذلك الشخص العائد مسرعا إلى بيته متأخرا عن موعد الإفطار فإذا بمن يفاجئه في الطريق؛ ليوقفه مُهدِيا إياه عُلبة من العصير أو بضع حبات من التمر.. متوسلا إياه ألا يرد يديه، وألا ينساه من جميل دعائه.. أو يدعوه لمائدة بسيطة متواضعة على جانب الطريق.. تتنوع فيها مشاعر الإخاء والمودة والرحمة أكثر من تنوع الأطباق والأصناف.

إنها حالة من التراحم والعطاء بين المسلمين تظهر جلية في شهر رمضان المبارك وتمتد طيلة العام بصور وأشكال مختلفة.. وعندما ننظر لها لا يمكن أن نفصلها بحال عن فضيلة ومكرمة إطعام الطعام التي حث عليها ديننا الحنيف ودعا لها.. فما فضل إطعام الطعام؟؟ وما آثاره الدالة عليه؟ وما ثمراته العائدة على المجتمع ككل؟؟؟

خَلق الطعام دليل على ربوبية الله

إن الله تعالى حين خلق البشر وجعل الطعام قواماً لهم، وسببا لاستمرار حياتهم؛ رزقهم أنواع المآكل “فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ* أَنَّا صَبَبْنَا المَاءَ صَبًّا* ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا* فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا” (عبس:27) ثم عدد سبحانه أنواعاً من الطعام. وفي آية أخرى “وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ” (النحل:5).

وجعل سبحانه خلق الطعام دليلاً على ربوبيته وألوهيته تعالى “قُلْ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ” (الأنعام:14)، وفي أمر الإنس والجن بعبادته سبحانه “وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ* مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ” (الذاريات:57)، وقال الخليل عليه السلام معدداً دلائل ربوبية الله تعالى “الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ* وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ” (الشعراء:79).

حثّ رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على تقديم الطعام للفقراء والمساكين والمحتاجين لسد حاجتهم من الجوع، قال صلى الله عليه وسلّم (يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، وأطعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ، والنَّاسُ نيامٌ، تدخلوا الجنَّةَ بسَلامٍ)، فالإنسان قد يفقد تركيزه ووعيه ومبادئه عندما يجوع ولا يجد الطعام، فكان الإسلام حريصاً على سدّ حاجة أبناء المجتمع للمحافظة على ترابطهم معاً ونشر المحبة، والألفة، وإشعار الفقراء بوقوف إخوانهم المسلمين إلى جانبهم، قال الله تعالى في سورة الإنسان: “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً” (الإنسان:8،9) ولإطعام الطعام الكثير من الآثار الطيبة في الدنيا و الثواب في الآخرة.. ينالها المحسن ويلمسها في حاضره، ومنها ما يحفظها الله تعالى له يوم القيامة.

فضائل إطعام الطعام

*أنه من صفات الأبرار

حيث يقول الله سبحانه وتعالى: “إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا؛ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا؛ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا؛ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا؛ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا؛ إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا؛ فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا؛ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا” (الإنسان:5-12).

*أن تصبح من أصحاب الميمنة

 قال تعالى: “أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ؛ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ؛ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ؛ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ؛ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ” (البلد:14-18).

*أنه خير الأعمال

فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: (تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ) (متفق عليه).

*له أجر جزيل عند الله

ففي مسند الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ لَيُرَبِّي لِأَحَدِكُمْ التَّمْرَةَ وَاللُّقْمَةَ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ، حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ أُحُدٍ).

* قربة من الله

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؛ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي قَالَ يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي) (رواه مسلم).

*له أجر مضاعف مدخر عند الله                                               

ففي سنن الترمذى عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا بَقِيَ مِنْهَا؟) قَالَتْ: مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا. قَالَ: (بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا).

*النجاة من أهوال يوم القيامة

قال تعالى: “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورً” (الإنسان:8).. عبوساً: تعبِس فيه الوجوه. وقمطريراً: شديداً.

ثمرات إطعام الطعام على المجتمع المسلم

*تطهير نفس المُطعِم من البخل والشح وتعويد المسلم على مشاركة ما معه مع إخوانه المسلمين.

*تطهير نفس الفقير أو الجائع من الحقد والغل على غيره من ميسوري الحال نظراً لشعوره بالوحدة في المجتمع وعدم وقوف أحد معه في أوضاعه الصعبة.

*تحقيق المودة والترابط بين أبناء المجتمع المسلم وانتشار الخير فيما بينهم. نشر الدين الإسلامي بين الذين يجهلون به، فعندما يشاهِد غير المسلم كرم المسلم وحبه لأخيه المسلم فإنّ ذلك يحببه في الدين.

*كسب الكثير من الأجر والثواب عندما يكون إطعام الطعام خالصاً لله تعالى.

*شكر الله تعالى على نعمته في سد الحاجة، فالمسلم الذي يجد قوت يومه  عليه شكر الله تعالى على نعمته.

*تحقيق التوازن في المجتمع وتقليص الفجوات بين طبقاته.

___________________________________

المصادر:

1-شبكة الألوكة

2-موقع موضوع

3-طريق الإسلام

مواضيع ذات صلة