تاريخ النشر الأصلي 2017-04-09 12:46:28.
الأشهر الحرم.. أشهر يسمع معظم الناس بها، لكن ربما لا ندرك تماما طبيعتها، ولا عددها، ولا فضائل الأعمال فيها.. لذلك نقدم تلك المعلومات الشارحة والموضحة والمجيبة عن عدد من الاستفهامات بخصوصها…
إعداد/ فريق التحرير
كم عدد الأشهر الحرم؟
يبلغ عدد الأشهر الحرم أربعةَ أشهر من أشهر السنة الهجرية، منها ثلاثة أشهر متتالية، وهي شهر ذي الحجة وشهر ذي القعدة وشهر محرم، وشهر واحد مفرد وهو شهر رجب السابق لشهر الصيام، والدليل على ذلك قوله تعالى: “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ” (التوبة:36).
وما سبب تسميتها بذلك الاسم؟
جاء تفسير سبب تسمية الأشهر الحُرُم بهذا الاسم في قوله تعالى: “يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ” (البقرة:217)، حيث تعتبر هذه الآية دليلاً قاطعاً من الله عز وجل على تحريم القتال في الأشهر الحرم، ويعود سبب تحريم القتال بين المسلمين خلال هذه الأشهر الأربعة إلى إفساح المجال للحجاج والتجار والمعتمرين بالتوجه إلى بيت الله الحرام من كافة بقاع الأرض دون خوف على حياتهم أو أمنهم أو أموالهم من السلب والنهب واندلاع الحروب التي كان يذهب ضحيتها العديد من الأبرياء.
وهل من أحكام خاصة تتعلق بها؟
نعم و تتلخص في الآتي:
-
أنها أشهر حرم، ويشمل هذا أمرين:
1- تحريم القتال فيهن؛ وقد سبق توضيح تلك الجزئية.
2- تحريم الظلم فيهن، وإليه يشير قوله تعالى: “… فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ…” (التوبة: 36)، والظلم محرم في كل الأشهر، وإنما نص الله تعالى على الأربعة لزيادة شرفها وفضلها.
3- اشتمال هذه الأشهر على فضائل وعبادات ليست في غيرها، وهي مشهورة، ولذا سنكتفي بالتذكير بها:
- الحج؛ فأفعال الحج كلها تقع في ذي الحجة.
- كما يشتمل ذو الحجة على الليالي العشر التي أقسم الله بها، وتسمى عشر ذي الحجة.
جـ – يوم عرفة، وهو أفضل أيام العشر، ويشرع لغير الحاج صيامه.
د- كما تشتمل هذه العشر على عيد الأضحى، ويشرع فيه الأضحية.
هـ – يشرع صيام شهر الله المحرم، فقد أخرج مسلم وغيره من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرم)، ويتأكد صيام يوم العاشر مع يوم قبله أو بعده.
-
تضاعف الحسنات والسيئات بسبب شرف الزمان و المكان
1- أما العمل الصالح فيتميز خلال تلك الأشهر، وعلى المسلم أن لا يكسل أبداً عنه هذه الأيام وأن يغتنم هذه الفرصة المواتية للتخير من صنوف العمل الصالح في الأشهر الحرم والتي منها على سبيل المثال:المحافظة على صلاة الجماعة لأن الأجر فيها أضعاف صلاة الذين يُصلُّون فرادى وفي ذلك قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ) رواه البخاري، فهذه المحافظة على أمانة الجماعة عملٌ يستحق الاجتهاد من صاحبه إن ألفى من نفسه تقصيراً في حضور الجماعات في المساجد، خصوصاً وأن الوعد بالزيادة في الحسنات أمرٌ يجلله العموم فما بالنا بأيام الأشهر الحرم التي يضاعف الله تعالى فيها أجور العمل الصالح؟
- الصيام الذي هو من أجلِّ القربات، وهو سرٌ بين العبد وربه ولذلك كان أجره غير محدد بأضعافٍ معينةٍ كما أخبرنا القرآن والسنة عن الأجور التي تتضاعف إلى عشر أمثالها أو أكثر، ولهذا قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) رواه الخباري، ومن المعروف أن الخير الذي ينتظر الصائمين لا حدود لذكره ولا لتخيله، ولكن أجره يزيد في الأشهر الحرم.
- ومن جليل الأعمال الصالحة في هذه الأيام الصدقة، وهي في ذاتها دليلُ هدايةٍ قلبية وعمليةٍ للمؤمنين، قال الله تعالى: “الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ” (البقرة:274)، وقال عنها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (صدقة السر تطفئ غضب الرب).
2- أما السيئات فكل سيئة يقترفها العبد تكتب سيئة من غير مضاعفة. قال تعالى: “وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ” (الأنعام: 160). لكن السيئة تعظم أحيانًا بسبب شرف الزمان أو المكان أو الفاعل، فالسيئة أعظم تحريمًا عند الله في الأشهر الحرم، وفي عشر ذي الحجة لشرفها عند الله، والخطيئة في الحرم أعظم لشرف المكان؛ قال ابن القيم رحمه الله: تضاعف مقادير السيئات لا كمياتها، فإن السيئة جزاؤها السيئة، لكن سيئة كبيرة وجزاؤها مثلها وصغيرة وجزاؤها مثلها، فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطه آكد منها في طرف من أطراف الأرض، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط مُلكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه.
الأشهر الحرم بين الجاهلية و الإسلام
سنت حرمة هذه الأشهر منذ عهد سيدنا إبراهيم -عليه السلام- كما ورد في شريعة إبراهيم، واستمرت القبائل في شبه الجزيرة العربية في تحريم القتال على نفسها خلال هذه الأشهر على مر السنين والعصور، بهدف تسهيل سير القوافل التجارية في مواسم الحج نحو مكة، مع وجود بعض القبائل العربية التي أحلت على نفسها القتال وخوض الحرب في هذه الأشهر، ومع مجيء الإسلام استمرت حرمة هذه الأشهر قائمة حتى الآن وإلى يوم القيامة كما ورد في الآية السابقة من سورة البقرة.
فاللهم رب الناس أذهب البأس عن أمتنا، واحقن دماءنا، وأعد علينا أشهر البركات أزمنة عديدة، وبلغنا شهر رمضان وأنت راضٍ عنا…
__________________________________________
المصادر:
- الأشهر الحرم ولماذا سميت بذلك، موقع موضوع، http://bit.ly/2oczh4U
- ناصر بن محمد الماجد، خصائص الأشهر الحرم، موقع قصة الإسلام، http://bit.ly/2odSu8g
- حسين شعبان وهدان، فضل العمل الصالح في الأشهر الحرم، شبكة الألوكة، http://bit.ly/2ntnB0A