الحج.. أسرارٌ بديعة وحكمٌ عظيمة

تاريخ النشر الأصلي 2017-08-21 13:13:57.

الحج علاج للنفس ووقاية لها من الأمراض، فهو يدرب الإنسان على إيثار تحمل المشاق على الراحة في سبيل تحقيق ما تصبو إليه النفس من أعمال صالحة…

د. أحمد سيد الأزهري*

يتعلم الإنسان في الحج قيمة الامتثال حتى وإن غابت عنه الحكمة!

اشتمل الإسلام على جملة من الشعائر المليئة بالحكم والأسرار، شرعها الله جميعا لتزكية النفس والسمو بها فوق شهوات البدن؛ لتشعر بالسعادة الروحية، وتنعم بلذة القرب من الله رب العالمين، وجعلها جميعا سبيل التقوى وطريقه المختصر لعلكم تتقون.

ويأتي الحج في أعلى هذه الشعائر؛ فله أسرار بديعة وحكم عظيمة وغايات سامية ففيه تحقيق كمال العبودية لله رب العالمين حيث يترك الحاج بيته وأهله ويتجرد من كل زينة ويتحمل مشاق السفر وغايته رضا الله سبحانه والفوز بجناته.

ويتعلم الإنسان قيمة الامتثال حتى وإن غابت عنه الحكمة فهو يُقبِّلُ حجرا ويرجم حجرا ويطوف حول حجر طاعة لله سبحانه وامتثالا لفعل رسوله صلى الله عليه وسلم.. ويتجلى هذا في قول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه للحجر الأسود: (والله إني لأعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك).

  ومن أسرار الحج في تأثيره في النفس يقول الدكتور أحمد شوقي إبراهيم: (وللحج علاج للنفس ووقاية لها من الأمراض، فهو يدرب الإنسان على إيثار تحمل المشاق على الراحة في سبيل تحقيق ما تصبو إليه النفس من أعمال صالحة.

 وفيه تدريب على ضبط النفس والتحكم في شهوات البدن، وجهاد النفس في سبيل ما يصبو إليه الإنسان من كل مكسب من مكاسب الدنيا.. والحج يمد الإنسان بشعور غامر بالسعادة النفسية، وقد علم أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، وبذلك تسمو نفسه عالياً فوق هموم الحياة ومتاعبها وما تؤدي إليه من توتر وانفعال وقلق. فالحج يحول الإنسان المتوتر البائس المحبط، إلى إنسان في قمة الرضا والسعادة).

مناسك الحج.. و الإعجاز العلمي!

وفي الإعجاز العلمي في الحج جاء في مؤتمر السنة النبوية باليرموك عن أسرار الحج في شفائه لأمراض النفس: (بيت الله الحرام أكبر مشفى للعلاج الروحي أو النفسي، والكعبة جهاز للعلاج الروحي كأجهزة العلاج بالأشعة، وإن الطواف حول الكعبة يشبه حركة الإلكترون الدائرية – وبنفس الاتجاه عكس عقارب الساعة كحركة الكون -، وحركة السعي بين الصفا والمروة تشبه حركة الإلكترون المستقيمة؛ والتي ينشأ عنها مغناطيس قطباه عند نهايتي الحركة؛ فطواف الناس حول الكعبة ينشأ عنه مجال روحي أقوى ما يكون في مركز الدوران، وهذا المجال الروحي ينتشر حول الكعبة ويقل كلما ابتعدنا عنها؛ وتزداد شدة المجال الروحي كلما كان عدد الطائفين أكثر، ويزداد هذا المجال في حجر إسماعيل – باعتباره داخل الكعبة– وعند الحجر الأسود، ولذا فإن الطائف يستلم الحجر الأسود فتغمره الأنوار؛ وإن لم يستطع فإن رفع يمينه والإشارة إلى الحجر تؤدي عمل الهوائي الذي يتلقى الموجات وتوصلها إلى جسم الطائف؛ ولذا فإن الصلاة بالبيت الحرام بمائة ألف صلاة؛ لأن المسلم أقرب إلى ربه؛ لأن المجال الروحي النوراني في الكعبة وما حولها أقوى ما يكون).

ويبقى ما يعوض الإنسان الذي فاته الحج لضعف بدنه أو لعدم استطاعته يقول العلّامة ابن رجب رحمه الله: (من فاته في هذا العام القيام بـ”عَرَفَة” فليقم لله بحقه الذي “عَرِفَه”، ومن عجز عن المبيت بـ”مزدلفة” فليبت عزمه على طاعة الله وقد قربه و”أزلَفَه”، ومن لم يقدر على نحر هديه بـ”مِنَى” فليذبح هواه هنا، وقد بلغ “المُنى”، ومن لم يصل إلى البيت لأنه منه بعيد، فليقصد رب البيت فإنه أقرب إلى من دعاه ورجاه من حبل الوريد.)

اللهم لا تحرمنا حج بيتك ولا زيارة نبيك…

______________________________________

عضو هيئة تدريس بقسم العقيدة والفلسفة- جامعة الأزهر الشريف

مواضيع ذات صلة