تاريخ النشر الأصلي 2017-06-13 09:21:44.
ارتبط شهر رمضان بنزول القرآن الكريم “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ…” (البقرة:185) الذى ينظّم لنا الحياة كما تنظم إشارات المرور المرور، نزل القرآن في ليلةِ القدر ليقول الله تعالى للعالمين: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير” (الحجرات:13)، ومن الطبيعي أن تواجه هذه الدعوة من المستبدين والطغاة ومن الذين سرقوا الإنسان من نفسهِ فأذلّوه وامتهنوا كرامته، وكانت مقاومتهم مقاومة ضَارية ومستميتة دفاعًا عمَّا سرقوه واغتصبوهُ من حقوقِ الإنسانِ، فكانتْ الثورةُ الكبرى في تاريخ الإنسانيةِ بنزولِ القرآن، وبدأت المواجهاتُ المباشرة بين الحقِّ والباطلِ من أوّلِ عامٍ فُرض فيه الصيام سنة 2هـ بغزوة بدر الكبرى، ولم تتوقف هذه المواجهات إلى عصرنا الحاضر.. فكانت الفتوحات الإسلامية متوالية وإن بدت متباعدة بعض الشيء في عصرنا الحديث.
ويَجيءُ حديثنا عن الماضي لإحساسنَا أن الحاضرَ ابن الماضي، ودراستنا للماضي انطلاقة لإِضافةِ الحاضر الجديد إليه، وتَنطلقُ دراستنا لأهم الأحداث التاريخية والفتوحات الإسلامية في شهر رمضان في عالمٍ معاصرٍ حافلٍ بالتحدياتِ الدَّاخليةِ والخارجيةِ، وبدَا فيه ألاَّ مكان للضعيفِ، لذَا كان لِزامًا علينَا وحتمًا مقضياًّ أنْ نتدارسَ هذه الأحداثِ.
وقبل أن نشرع في سرد هذه الانتصارات التي كان النصرُ فيها حليف المسلمين دائمًا، وكانوا غالبًا أقل عددًا وعدَّةً، نتساءل كيف يكونُ النصر حليفهم في هذا الشهر؛ شهر الصوم، والمقاتل يحتاج إلى طعامٍ وشرابٍ يَصنعُ له القوة ويُوفِّر له الطَّاقة؟
نجيبُ: لعلَّ الله –عز وجل– أبدلهم قوةً روحيَّة جعلتْ أهلَ الكفرِ يخرُّون صَرعَى بين يدى الصَّائمين، وهذَا سِرٌّ من أسرارِ هذا الشهرِ، ونتيجةٌ من نتائجِ التقوى التي هي غَايةُ الصَّومِ.
من نماذج الفتوحات الإسلامية في شهر رمضان
وَأُولَى هذه المعارك.. غزوة بدر الكبرى في السَّابع عشر من رمضان للسنة الثانية من هجرة النبى-صلى الله عليه وسلم– ، وهى قمةُ المعارك العسكرية، وانتصار المسلمين فيها يعنى تثبيتَ أقدامهم، وقيام دولتهم الفتيَّة القويَّة، ودَوَّى نَصْرُ المسلمينَ في هذه المعركةِ إِيذانًا بميلادِ قوةٍ عسكريَّةٍ جديدةٍ في شبه الجزيرة العربية؛ فقتلوا سبعين رجلاً من صَناديدِ قريش، وأَسرُوا سبعين آخرين، فحق أن يسمى بيوم الفرقان .
ثانياً: غزوة الخندق.. في الثالث عشر من شهر رمضان المعظم وفى السنة الخامسة للهجرة بدأ المسلمون وهم صائمون في حفر الخندق الذي اقترحه سلمان الفارسي – رضى الله عنه– في المناطق التي يتوقَّع أن يأتي الأحزاب منها وهى الشمالية والغربية، استعدادًا لهذا الهجوم والتحالف الذى قادته قريش لاستئصال المسلمين في دارهم، وقد حدثتْ الغزوة في شهر شوال من نفس العام، وهى من أخطر الغزوات لتجمّع قريش وغطفان وأشجع واليهود، وكانت مواجهة هذه الأحزاب صعبة جدًّا، ووقف المسلمون خلف الخندق والأحزاب في الجانب الآخر حتى أرسل الله عليهم ريحًا شديدًا فتركُوا أماكنهم منهزمينَ فارّين إلى ديارهم.
ثالثا: فتح مكة.. في العشرين من شهر رمضان المعظم وفى السنة الثامنة للهجرة امْتَنَّ اللهُ على رسوله بالفتح المبين، فدخلتْ الجيوش المسلمة مكة من جهاتٍ أَربع وعددها عشرة آلاف محارب وكان النبي – صلى الله عليه وسلم– حريصًا على أَلا تراق الدّماء، لذا فقد اعتمد – صلى الله عليه وسلم – على التخويفِ والرهبةِ فرفَع الآذان من فوق الكعبة وأُزيلت الأَصنام من حولها وعادتْ عاصمة الشّرك إلى الموحدين في شهر رمضان.
_________________________________________
المصدر: شبكة ضياء للمؤتمرات والدراسات http://diae.net/15439