المسلمون في استراليا.. مستقبل واعد وتحديات ضخمة (12-3)

تاريخ النشر الأصلي 2018-05-23 14:01:49.

مسلمون حول العالم.. يحتاجون لمن يتعرف عليهم أكثر.. لمن يلمس معاناتهم، ويشعر بطموحاتهم.. ويتحسس مشكلاتهم.. ويشاركهم إنجازاتهم.. سنجمع أخبارهم من كل مكان.. من خلال جولة لرصد حياتهم عن قرب.. والمحطة الثالثة كانت من قارة استراليا

إعداد/ فريق التحرير

استراليا

الدين الإسلامي معترف به رسمياً، وهو الدين الثاني بين الديانات من الناحية العددية والرسمية.

أشرقت أنوار الإسلام على أراضي استراليا، بعد أكثر من 1300عام من البعثة النبوية، والغريب أن من نشر الإسلام بها، جاءوها فوق أسنمة الجمال، فلم يكونوا محاربين، ولا علماء، ولا دعاة، بل كانوا (أَبَّالة) استقدموا إلى هذه البلاد للعمل بصحرائها، ثم ما لبث أن أصبحوا دعاة لهذا الدين، وبفضلهم أصبح الإسلام الآن يمثل ثاني أكبر ديانة في استراليا.

لكن المسلمين هناك، يواجهون مخاطر عديدة، مع تزايد الاضطهاد بعد أحداث 11 سبتمبر، وطوفان الإباحية والحرية المنفلتة والهجمات القذرة، من جانب الإعلام الصهيوني المسيطرةعلى الساحة الإعلامية باستراليا.

استراليا .. الدولة القارة

 استراليا، أو رسميًّا (اتّحاد استراليا الفيدرالي)، هي دولة تقع في نصف الكرة الجنوبي عند جنوب شرق آسيا على غرب المحيط الهادي، عاصمتها (كانبيرا)، ويحيط القارة من الشمال بحر تيمور وبحر أرفورا ومضيق تورز، ومن الشرق بحر كورال وبحر تسمان، ومن بالجنوب ممر باس، ويحيط بها من الجنوب والغرب المحيط الهندي.

أعداد المسلمين

نسبة المسلمين في استراليا نسبة مبهمة، فالتقديرات مختلفة، ففي حين يعتبرهم البعض 300 ألف نسمه، تذكر تقارير أخرى أن عددهم يبلغ 800 ألف نسمه، لكن الراجح أن نسبتهم تفوق هذا العدد بكثير، ويرجح أنها تزيد عن المليون نسمة، وتعداد المسلمين في ازدياد مستمر، خصوصاً فيما بين الاستراليين الأصليين، فما يمر يوم أو أسبوع، إلا وتظهر فيه قلوب قد شرح الله صدرها، فأقبلت على الإسلام، خاصة في الوسط المثقف والشخصيات المرموقة.

والدين الإسلامي معترف به رسمياً، وهو الدين الثاني بين الديانات من الناحية العددية والرسمية، وبروتوكوليا في دعوة أصحاب الديانات للقاءات الرسمية، من رئيس الحكومة المحلي والفيدرالي بالترتيب التنازلي، الكاردينال، ثم المفتي، ثم رئيس البوذيين، ثم الحاخام اليهودي، واستراليا بها 70 ديانة، ولكن الديانات الرسمية هي السابقة.

 وبموجب الإحصاء الرسمي الأخير فإن 36% فقط من المسلمين هم من مواليد استراليا، وأما الأغلبية فهم من مواليد خارج استراليا، وهذا يوضح أن المسلمين الاستراليين في الحقيقة، هم من مهاجري الجيل الأول.

دخول الإسلام

كان أول وصول للإسلام إلى استراليا في سنة 1850م، ووراء قدوم الإسلام إلى هذه المنطقة قصة غريبة، أساسها (الإبل)، ففي سنة 1849م استقدمت السلطات الاسترالية 12 جمالا و120جملا، وكان هذا لاكتشاف مجاهل الصحراء الاسترالية، ولما كان الأفغانيون من أوائل القادمين، أطلق الاستراليون اسم (الأفغان) على كل من يأتي مع الإبل، هذا على الرغم من أنهم استقدموا الإبل والأبالة من باكستان والهند وإيران، ثم اختصر الاسم إلى (غان) بدلا من (أفغان)…. ولما زاد عدد المسلمين الأبالة قاموا بتشييد العديد من المصليات، عبر طرق القوافل التي سلكوها داخل استراليا، في مدن ادليد، وفرينا، ومرى، ولما ترك استخدام الإبل وتقدمت وسائل المواصلات، اشتغل المسلمون بحرف أخري كالتجارة والتعدين، واندمجوا في المجتمع الاسترالي، أو عادوا إلى بلادهم.

أما العامل الثاني من عوامل دخول الإسلام، وانتشاره في استراليا- وهو الأقوى تأثيراً- فتمثل في هجرة المسلمين، من أقطار عديدة إلى استراليا، كالهجرة من المناطق القريبة، مثل غنيا الجديدة والببوان ومن إندونيسيا، والهجرة من باكستان والهند، وكذلك هجرة من تركيا، ولبنان، وقبرص، ومصر، وألبانيا، ويوغسلافيا، وبدأت هذه الهجرات في سنة 1334هـ.

وفي بداية القرن الحادي والعشرين، كان المسلمون قد أتوا من أكثر من 60 بلدًا إلى استراليا، أبرزهم من البوسنة والهرسك، تركيا، لبنان، إندونيسيا، ماليزيا، إيران، فيجي، ألبانيا، السودان، مصر، فلسطين، العراق، أفغانستان، باكستان، بنغلاديش، وغيرها من البلدان، وأكبر الجاليات تعداداً هي الجالية اللبنانية، تليها التركية ثم بقية الجاليات الأخرى، ويتمركز جل الجاليات في مدينة سيدني وميلبورن؛ فسيدني هي أكبر مدن استراليا، وأكبر تجمع إسلامي موجود في هذه المدينة.

المنظمات الإسلامية

يبدأ الهيكل التنظيمي لمسلمي استراليا، من أن كل جالية أو جنسية عرقية مهاجرة لها جمعيتها التي تسجل رسمياً، ومن مجموع هذه الجمعيات، يتكون المجلس الإسلامي للولاية، ومن مجموع مجالس الولايات، يتكون الاتحاد الاسترالي للمجالس الإسلامية، وهو المظلة الرسمية الكبرى للمسلمين في استراليا، وله اجتماع كل سنتين، ويسمي الكونجرس الإسلامي، الذي من خلاله، يتم اختيار وترشيح منصب الإفتاء على مستوي القارة كلها.

فالاتحاد الاسترالي، هو أكبر الهيئات الإسلامية، أو الممثل الرسمي لمسلمي استراليا في الداخل والخارج، وكل ولاية لها مجلسها الإسلامي، وأكبر المراكز الإسلامية حالياً، هو مسجد الإمام علي بن أبي طالب، في المركز الإسلامي العام في ناحية (لاكمبا) في مدينة سيدني.

مستقبل واعد

1- إن الجالية الإسلامية في استراليا في مرحلة تجديد وخاصة بين الشباب.

2- بالرغم من أن هناك جالية إسلامية صغيرة في استراليا؛ إلا أن المنشآت والخدمات تعتبر جيدة؛ فهناك العديد من المدارس الإسلامية على سبيل المثال.

3- إن الحكومة الاسترالية تدعم الإسلام والمسلمين، مقارنة ببقية الدول الغربية؛ وذلك بناءً على سياستها العامة، في دعم وتأييد الطوائف والعقائد المختلفة في استراليا.

4- هناك طلب عالٍ على المدارس الإسلامية، خصوصاً المدارس التي هي أكثر انضباطاً. والشاهد على ذلك أن مدرسة دار العلوم في ملبورن عليها طلب عالٍ، وعندها قائمة انتظار مرتفعة؛ وهذا بدوره يؤيد الحاجة إلى المدارس الإسلامية ذات الطابع الشرعي.

5- إن هناك جيلاً جديداً من شباب المسلمين في الجامعات الأسترالية، والمأمول أن يتلقى هذا الجيل التربية الإسلامية الصحيحة، والعلوم الإسلامية أثناء دراستهم بالجامعة، وسيعملون بعد تخرجهم في وظائف ذات تأثير وقوة في المجتمع الاسترالي، مع احتفاظهم بشخصيتهم الإسلامية.

6- حادثة 11 سبتمبر أعطت المسلمين الفرصة، للمساهمة في الإعلام الاسترالي؛ وذلك إما للدفاع أو التعليق على الأحداث من منظور المسلمين، وهذه في حقيقة الأمر فرصة عظيمة، أعطت المسلمين مجالاً للتواصل مع رجال الإعلام والصحافة، والتي لم تكن متوفرة في السابق.

7- زيادة اهتمام الغرب بالإسلام بعد أحداث 11 سبتمبر، وهذا بدوره يعطي الجالية الإسلامية في استراليا، القدرة على تقديم الصورة الإسلامية الصحيحة عن الإسلام.

مشاكل وتحديات

1- ضعف المستوى التعليمي للمسلمين، أوقعهم في العديد من المشاكل، بل جعلهم في مناصب أقل من الديانات الأخرى.

2- انتشار البطالة بين المسلمين.

3- الضعف الرئيس، يكمن في عدم وجود العلماء المتمكنين، الذين لهم المرجعية.

4- إن هناك العديد من المدارس الإسلامية المعتمدة على نفسها، ولكن القليل منها على المنهج الصحيح؛ حيث دروس الغناء، وعدم عزل الجنسين ينتشر في هذه المدارس.

5- إن الجالية الإسلامية مبنية على مبدأ العرقية، وهذا بدوره خلق صعوبة للمسلمين الجدد والمسلمين أنفسهم، للتعايش ضمن فهم مشترك، ولكن هذه المشكلة تضمحل مع الجيل الجديد.

6- عدم وجود شخصية قيادية للمسلمين في استراليا تتميز بالعلم الشرعي، ولها المرجعية لعامة المسلمين.

الحرية والإباحية

المخاطر التي تهدد الجالية المسلمة، وتهدد أجيالنا المسلمة الحالية، هو القانون الذي يمنع قوامة الأسرة على أبنائها، إذا بلغ أحدهم السادسة عشر، فلا وصاية للأب على ابنه أو ابنته، وإذا حاولت التدخل في حياة ابنتك الشخصية أحضرت لك البوليس. فبعد بلوغ الابن 16 سنة يأخذ حريته ويعيش مستقلاً .

الأخطر من ذلك الدراسات والثقافات الجنسية، التي تدرس في المدارس كمادة أساسية، والمجتمع الغربي بصفة عامة، يقسم المجتمع إلى أقسام بحسب الاهتمامات، فيضع رعاية القطط والكلاب رقم واحد!!، وثانياً المرأة، وثالثاً الطفل، ورابعًا الرجل.

استراليا جزء من المجتمعات الغربية، وهناك قوانين صدرت مؤخرا في استراليا، تبيح زواج الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة، والكنائس تسجل هذا رسمياُ.

وهذه هي مخاطر الحرية والإباحية، وكثير من الأسر الإسلامية، عندما تشعر بالخطر يهدد أبناءها، سرعان ما تبادر برحلة العودة إلى الوطن الأصلي.

كما إن معظم وسائل الإعلام خاضع للهيمنة الصهيونية، التي تستخدم الإعلام في احتلال العقول وتزييف الحقائق.

اضطهاد المسلمين

كثيرا ما تعرض المسلمون في استراليا لمضايقات عديدة، نظرا لما تنشره بعض وسائل إعلام استراليا من أمور تشوه صورة الإسلام والمسلمين، مما يؤدى إلى نفور كثير من الاستراليين من المسلمين، ولكن الأمر لا يقف عند هذا الحد، فقد شهدت معظم المدن الاسترالية الكبرى، حالات اعتداءات على المسلمين وعلى المراكز الإسلامية، ووصل الأمر إلى حد حرق أحد المساجد في العاصمة سيدنى. بل إن المسلمين هناك، يتعرضون حتى في منازلهم للأذى بشكل يبدأ من رمي القمامة أمام واجهات تلك المنازل، كما إنهم في أعمالهم لا يسلمون من التهديد بالفصل أو التعرض للشتم بألفاظ نابية من زملائهم.

أبرز المتطلبات

1- دعم المدارس الإسلامية وتزويدها بالمعلمين، وكذلك توفير المعلمين لتدريس الدين الإسلامي بالمدارس الحكومية، خصوصًا بعد موافقتها على هذا لمدة ساعة أسبوعيا.

2- توفير عدد من المنح الدراسية بالجامعات الإسلامية، لإعداد الكوادر من الدعاة والمدرسين.

3- الاهتمام بالتوعية الدينية، بإلقاء المحاضرات وعقد الندوات وإقامة المعسكرات لمقاومة التحدي.

4- توحيد النشاط الإسلامي باستراليا، وتنقية العمل الإسلامي.

5- توفير الكتب الإسلامية للدارسين وفق منهج موحد، لتعليم أبناء المسلمين في مدارس الجمعيات الإسلامية وفي المدارس الحكومية.

6- محاولة توفير زيارة عدد من العلماء والدعاة والمحاضرين، إلى مناطق تجمعات المسلمين لجمع الصف، ولتعميق القيم الإسلامية في نفوس أبناء الإسلام.

7- التدقيق في تقديم المساعدات المادية، لكي تصل إلى من يستحقها وذلك لمكافحة الاستغلال.

8- الحاجة إلى كتب إسلامية عامة باللغة الإنجليزية.

_____________________________________________________

المصدر: رسالة الإسلام

مواضيع ذات صلة