انثر بذور الصدق في قلوب أطفالك.. بأفكار عملية

تاريخ النشر الأصلي 2017-10-10 09:13:17.

الصدق

عوّد أولادك على أن يكون بينكم وقت معين يوميًا ولو 10 دقائق يحكون لك ما مر بهم في يومهم، فإن الحوار بينك وبينهم له فوائد كثيرة منها.

غرس شجرة الصدق يقتلع الكثير من الأخلاق السيئة من نفوس أولادنا، بل ويساعدنا على غرس الكثير من الأخلاق الطيبة فيهم؛ فالصدق بداية سلسلة الأخلاق الحسنة، والكذب هو بداية سلسلة الأخلاق السيئة، وليس هذا مبالغة، ولكنها وصية نبوية خالدة (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ، وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) متفق عليه.

وحتى نغرس شجرة الصدق المباركة في نفوس أبنائنا.. إليكم بعض النصائح والأفكار:

1-خصصوا يومًا أو جزءًا من يوم تجتمع فيه مع أولادك، تسميه اليوم السعيد وحاول تخصيص حوالي ساعة من هذه الفترة لجلسة ربانية تجمعكم تعقبها نزهة أو فترة ترفيهية، إن هذه الساعة الربانية التي تجمعكم كأسرة سيكون لها من الأثر المبارك على أخلاق أولادكم الكثير، أما إن استطعتم أن تجعلوا هذه الساعة يومية فقد أنجزت إنجازًا كبيرًا.

2-لا تتركوا فرصة مائدة الطعام تفوتكم، إذ يمكنكم استغلالها في الحوار حول موضوع تطرحونه أو إجراء المسابقات الترفيهية على أن يكون فيها سؤال عن الخُلُق الذي تريده.

3-استغلوا فترات الانتظار لتحكوا لأولادك قصة أو لتوصلوا لهم معلومة ولو بسيطة.

4-عند زيارتك لبيت الجد والجدة اتفق معهما على أن يحكيا شيئًا من السيرة يخدم الخلق؛ فالأولاد يتأثرون بهما كثيرًا، وكلما تعددت مصادر دعم الخلق كان أثبت في نفوس أولادنا .

ولنتذكر أن العملية التربوية لا تقتصر على وقت معين، بل هي وظيفة العمر يمكن أن تؤدى في أي وقت من أوقات اليوم؛ فلنحاول أن نستغل أوقات أولادنا، وألا نضيع عليهم أيامهم، وذلك بمحاولة استغلال كل الفرص والأوقات التي تسنح لنا خلال اليوم لتعليمهم أي معلومة ولو بسيطة، وليس معنى ذلك أن نظل نصدر لهم الأوامر ليل نهار، فالتربية والتعليم ليسا فقط بالموعظة المباشرة، بل قد يكونان بلقطة تلفاز تعلقين عليها أو بدعوات تتلفظين بها وأنت تطهين طعامك فيلتقطها منك أولادك.

ما المنهج؟ … وكيف نطبقه؟

علمنا الأستاذ/ عبد الله ناصح علوان في كتابه «تربية الأولاد في الإسلام» أن وسائل تربية الأولاد خمسة:

1-التربية بالموعظة.

2-التربية بالقدوة.

3-التربية بالعادة.

4-التربية بالملاحظة.

5-التربية بالعقوبة.

أولاً: التربية بالموعظة

1- لا مانع من الاتفاق مع أولادك على شعار للشهر، وفى خلق الصدق يمكن أن يكون الشعار (الصدق طمأنينة، والكذب ريبة)، ويمكنك كتابته وتعليقه في مكان بارز في المنزل.

2-عمل مسابقة بين الأولاد في حفظ بعض الآيات التي تحض على الصدق مع شرح الآيات المختارة في الجلسة التربوية، وقد تكون المسابقة في الحفظ والشرح مع تخصيص هدية بسيطة للفائزين، والآيات التي يمكن حفظها لخلق الصدق “قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ. لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ. ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ المائدة” (المائدة: 119)، “لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا  وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ” (البقرة: 177)، وفيها معنى عملي لصفة الصدق.

3-إجراء مسابقة كذلك في حفظ بعض الأحاديث التي تحض على الخلق، ويمكنك إدخال الابتكار على المسابقة بأن تكتب كلمة الحديث على أوراق منفصلة وتخلط الورق، وتصنع منه عدة نسخ بحسب عدد أولادك، وأيهم يرتبها أولاً يفوز، وقد يتم الخلط بين أكثر من حديث، ويمكنك كتابة الأحاديث بخط جميل، أو بواسطة الكمبيوتر وتعليقها في مكان بارز في المنزل بجوار الشعار، بحيث تكون أمامهم لمدة شهر مثلاً فيسهل حفظها وتستطيع أخذ الأحاديث من كتاب رياض الصالحين، أو خلق المسلم للغزالي، ويمكنك استغلال المناسبات كنجاح الأولاد وغيرها لعمل حفل وتوزع فيه جوائز الحفظ، ويتلون ما يحفظون من أناشيد وأحاديث كفقرات في الحفل.

4-استغلال حكاية قبل النوم في سرد الحكايات عن الخلق مع استخدام أسلوب الإثارة والتشويق كأن تتركهم يتوقعون نهايتها، وإذا كانوا يعرفون معظم القصص التي تعرفينها عن الخلق، فخصصي جائزة لمن يأتيك بقصة لا تعرفينها، فهذا يشجعهم على البحث والقراءة، وبالنسبة للصدق يمكنك حكى قصة الصحابي أنس بن النضر الذي نزلت فيه آية “مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا” (الأحزاب:23)، أو قصة الصحابي كعب بن مالك في قصة الثلاثة الذين خُلّفوا في سورة التوبة، وكذلك قصة العالم عبد القادر الكيلاني عندما عاهد أمه على عدم الكذب فتابت على يديه عصابة من اللصوص.

5-عمل برنامج لتطبيق هذا الخلق وحتى تشجع أولادك على الالتزام به أخبرهم أنك ستلتزم به معهم، وبالفعل تعمد أن يروك، وأنت تجيب عن أسئلة البرنامج:

*هل تحريت الصدق في كل أقوالك وأفعالك اليوم؟

*هل تحريت الصدق في المزاح؟

*هل ضبطت نفسك تكذب فسارعت بقول الصدق؟

*هل قلت الصدق ولو على نفسك؟

*هل دعوت الله أن يرزقك الصدق؟

ثانياً: التربية بالقدوة

*احرص على ربط أولادك بالصحابة وجعلهم قدوة لهم بكثرة حكاياتك وتوفير الكتب التي تتحدث عنهم.

*احرص أن تكوني قدوة لهم في الخلق الذي تربينهم عليه.

*يمكنك تعويد نفسك وأولادك على صيام يوم من أيام النافلة وقبل المغرب اجمعهم للدعاء وتضرعوا إلى الله أن يرزقكم خلق الصدق، ويا ليت زوجتك تشارككم الدعاء، ويمكنك أن تدرب أولادك على الدعاء وتؤمن وراءهم أنت ووالدهم.

وهناك بعض السلوكيات التي قد تصدر منا دون أن ندرى وهى منافية لخلق الصدق:

*كأن تعدهم بشيء معين أو هدية، ثم لا تفي بوعدك، وإذا اضطرتك الظروف لعدم الوفاء فتحاور معهم واشرحي لهم الأسباب.

*اعتذارك للمدرسة عن سبب غياب ابنتك بمرضها، وتكون هي قد قامت متأخرة من النوم.

*تمثل أنك تضرب أحدهم لترضية آخر اشتكى منه.

*اعتذارك عن تناول شيء من الطعام عند من تزوره بصحبة أطفالك بدعوى أنك لا تشتهيه أو أنك تناولت وجبتك وتكون الحقيقة خلاف ذلك.

*إنكار الأب أو إنكار الأم نفسيهما عندما يسأل أحد عنهما.

ثالثاً: التربية بالملاحظة

يمكنك الاتفاق مع أحد الأصدقاء اللذين تثق بهم ممن يكون لهم أولاد في مثل سن أولادك أن يقضي أولادك عندهم يومًا من أيام إجازتهم، وكذلك يفعل أولاده، فصديقك يستطيع أن ينقل لك صورة عن سلوكيات أولادك ومدى ما وصل إليه منهجك التربوي معهم، وكذلك تفعل مع أولاده.

قد تسنح لك الفرصة لأن تعرف الأحداث الحقيقية لموقف حدث مع أولادك، استفسر عنه منهم لتقيس مدى صدقهم معك.

رابعاً: التربية بالعقوبة

عود أولادك دائمًا أن الصدق منجاة أي أنهم إذا قالوا الصدق، فإنك لن تعاقبهم، أو إذا كان الأمر يستدعي العقوبة فإن قولهم الصدق سيجعلك تخففها، أما إن كذبوا فستكون العقوبة مضاعفة؛ لأنهم جمعوا عصيانًا وكذبًا، واحرصي على أن تفي بوعدك لهم.

خامساً: التربية بالعادة

عوّد أولادك على أن يكون بينكم وقت معين يوميًا ولو 10 دقائق يحكون لك ما مر بهم في يومهم، فإن الحوار بينك وبينهم له فوائد كثيرة منها أنه يساعدهم على الانفتاح عليك وفتح قلبهم لك فتأتيهم الشجاعة لقول الصدق وإن أخطأوا.
وأخيرًا لا تنسى الدعاء، ثم الدعاء، ثم الدعاء والتضرع إلى الله أن يهدى أولادك ويصلحهم ويبعد عنهم رفقة السوء ويرزقهم الصحبة الصالحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه.

______________________________________

المصدر: بوابة كنانة أون لاين

http://kenanaonline.com/users/Education-Learning/posts/151774

مواضيع ذات صلة