ما يحتاجه المسلم من أحكام قبل دخول شهر الصيام

إعداد فريق تحرير موقع "المهتدون الجدد"

رمضانأوشكت نسمات شهر رمضان المبارك على الهبوب معطرة أجواءنا بروحانياتها ونفحاتها.. وها نحن نستعد لها بتقديم عدد من الفتاوى والأحكام التي تتعلق بتلك الفترة التي تسبق الشهر الفضيل، محاولين قدر الإمكان أن تكون شاملة لمعظم الأسئلة الشائعة…

*ما حكم الصيام قبل حلول شهر رمضان مباشرة؟

ورد في هذا الحكم حديثان.. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين؛ إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه). متفق عليه.. وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان النصف من شعبان فامسكوا عن الصوم حتى يكون رمضان). رواه أحمد وأبو داوود والترمذي.

وأرجح الأقوال في المسألة عند الجمع بين الحديثين: أن من كان يصوم قبل منتصف شعبان فله أن يصوم بعده من غير كراهية لأن ذلك هو فعل النبي – صلى الله عليه وسلم -، ومن لم يكن يصوم قبل منتصف شعبان فيكره له الصيام بعد منتصفه لهذا الحديث، إلى أن يبقى منه يوم أو يومين فيكون صيامها محرما كما تقدم.

*ما حكم الإكثار من الصيام في شهر شعبان؟

كان النبي صلى الله عليه وسلم يصومه كله إلا قليلاً، فعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يُفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت أكثر صياماً منه في شعبان (متفق عليه).

*ما حكم صيام يوم الشك؟

صيام يوم الشك أقرب الأقوال فيه أنه حرام، لقول عمار بن ياسر رضي الله عنه: من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، ولأن الصائم في يوم الشك متعدٍ لحدود الله عز وجل، لأن حدود الله أن لا يصام رمضان إلا برؤية هلاله، أو إكمال شعبان ثلاثين يوماً، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: “لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه”، ثم إن الإنسان الذي تحت ولاية مسلمة يتبع ولايته، إذا ثبت عند ولي الأمر دخول الشهر فليصمه تبعاً للمسلمين، وإذا لم يثبت فلا يصمه.

*ما حكم من أفطرت في شهر رمضان الماضي لعذر.. ولم تقضِ ما عليها حتى الآن؟

اتفق الأئمة على أنه يجب على من أفطر أياماً من رمضان أن يقضي تلك الأيام قبل مجيء رمضان التالي.

واستدلوا على ذلك بما رواه البخاري ومسلم عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ…) .

وَيُؤْخَذ مِنْ حِرْصهَا عَلَى ذَلِكَ فِي شَعْبَان أَنَّهُ لا يَجُوز تَأْخِير الْقَضَاء حَتَّى يَدْخُلَ رَمَضَان آخَرُ.. فإن أخر المسلم القضاء حتى دخل رمضان التالي فلا يخلو من حالين :

الحالة الأولى: أن يكون التأخير بعذر، فهذا لا إثم عليه في التأخير.

الحال الثانية: أن يكون تأخير القضاء بدون عذر، كما لو تمكن من القضاء ولكنه لم يقض حتى دخل رمضان التالي.. فهذا آثم بتأخير القضاء بدون عذر.. واتفقت الآراء على أن الواجب هو القضاء فقط، وإذا احتاط الإنسان وأطعم عن كل يوم مسكيناً كان ذلك حسناً.

*هل يجب التتابع في صيام أيام القضاء؟

الراجح أنه لا يجب التتابع في القضاء، فيجوز أن تصام متفرقة مادام أن الصيام على التراخي، وهو مذهب عامة أهل العلم، لكنهم استحبوا التتابع.

ولم يثبت في ذلك حديث مرفوع إلى النبي، وجل ما ثبت آثار عن الصحابة بعضهم يوجب التتابع، والبعض الآخر لا يوجبه.

وكذلك في صيام الكفارات والنذر إذا لم يشترط التتابع وهو مذهب الشافعي.

*ما حكم استعداد بعض النساء لرمضان بتناول الحبوب المانعة للحيض.. وهل يلزم المرأة قضاء الأيام التي تصومها؟

يجوز للمرأة أن تتناول ما يؤخر الحيض عنها من أجل مناسبة حج أو عمرة أو صيام رمضان، إذا لم يترتب عليها ضرر بسبب ذلك، وليس عليها قضاء تلك الأيام التي ارتفع دمها بسبب الحبوب وذلك لاكتمال صيامها.

*ما حكم من مات وعليه صيام، فمتى يصوم عنه وليُّه؟

فصَّل في هذا الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله على النحو التالي:

الأول: إنسان كان مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه، فهذا فيه فدية طعام مسكين، ولا يُصام عنه.

الثاني: إنسان مريض مرضاً يرجى برؤه ففرضه عدة من أيام أخر، فإن قُدِّرَ أن هذا المرض استمر به حتى مات فلا شيء عليه، لأنه مات قبل أن يتمكن منها.

الثالث: إنسان مريض مرضاً يرجى برؤه فشفاه الله، أو كان مسافراً مفطراً، ففرط في القضاء مع استطاعته حتى مات، فهذا هو الذي يصوم عنه وليه.

*هل من عمر محدد يجب على الطفل فيه الصيام.. ذكرا كان أو فتاة؟

لا يجب الصيام على الطفل الصغير حتى يبلغ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنْ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يفِيقَ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ) رواه أبو داود.

ومع ذلك، فينبغي أمر الطفل بالصيام حتى يعتاده، ولأنه يكتب له الأعمال الصالحة التي يفعلها .

والسن الذي يبدأ الوالدان بتعليم أولادهما الصيام فيه هو سن الإطاقة للصيام، وهو يختلف باختلاف بنية الطفل، وقد حدَّه بعض العلماء بسن العاشرة.

أما السن الواجب فيها الصيام.. فهو متى بلغ الصبي أو حاضت الفتاة..

*هل نية واحدة تكفي لصيام شهر رمضان كاملا؟

من أراد صيام رمضان فإنه لا بد له من نية مستقلة لكل يوم، لأن صوم كل يوم عبادة مستقلة فلا بد لها من نية، هذا مذهب جمهور العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة، وقال مالك وهو رواية عن أحمد: تكفي نية واحدة عن رمضان كله، وما في حكمه من كل صوم يجب تتابعه ككفارة الظهار ونحوها، لأنه عبادة واحدة فتكفيه نية واحدة كالصلاة والحج، أما ما لا يجب تتابعه كقضاء رمضان وكفارة اليمين فلا بد فيه من تجديد النية لكل يوم.

وعلى القول الأول وهو الراجح فلا بد لصحة الصوم من نية مبيتة من الليل لكل يوم من الأيام المذكورة، سواء تتابع صيام تلك الأيام أو تفرق..

*ما حكم الاستعداد لشهر رمضان بتعبئة المنزل بأصناف الطعام المختلفة؟

من المخالفات في شهر رمضان.. الإفراط في الأكل وكأن شهر رمضان شهر أكل وشرب فهؤلاء النساء وأولئك الرجال يذهبون قبل رمضان لشراء الطعام للتخزين المأكولات والمشروبات.. هذا للإفطار وهذا بعد الإفطار بساعة.. وهذا بعد القيام وهذا بين الأربع ركعات والتي تليها وهذا قبل الفجر بساعتين وهذا للسحور، وكأن الليل كله للطعام والشراب.

 بل إن بعض النساء تستمر في العمل من الظهر إلى أذان المغرب في المطبخ.. وهو سرف وإهدار لأثمن الأوقات لا يرضي الله تعالى.

*كيف نستعد لشهر رمضان؟

1-بالإنفاق والجود: لما ثبت في الصحيحين عن أبن عباس قال: كان رسول الله أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه النبي صلى اله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة.

2-قراءة القرآن.. لشهر رمضان الكريم شهر الصيام والقيام خصوصيةً بالقرآن؛ فهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن الكريم هدًى للناس؛ يقول الله – تعالى -: “شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ” (البقرة: 185).

3-  شغل اللسان والجوارح بسائر الطاعات: لقول النبي عند البخاري من حديث أبى هريرة: من لم يدع قول الزور (الباطل) والعمل به، والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه.. وللحديث القدسي المتقدم: إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، ولا يجعل، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم.

4- قيام الليل (التراويح): سنة مؤكدة للرجال والنساء، وهي من أعلام الدين الظاهرة.

ثبت في الصحيحين عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).

والمغفرة هنا المقصود بها مغفرة الصغائر لا الكبائر كما قال القاضي عياض، لأن الصلوات الخمس تكفر الصغائر إذا اجتنبت الكبائر كما جاء في حديث مسلم عن أبى هريرة، والصلوات الخمس أفضل من غيرها، فمن باب أولى ألا يكفر قيام رمضان الكبائر لأنها أقل رتبة.

*هل يجوز تأخير إخراج الزكاة لشهر رمضان؟

لا يجوز تأخير إخراج الزكاة بعد تمام الحول إلا لعذر شرعي، كعدم وجود الفقراء حين تمام الحول وعدم القدرة على إيصالها إليهم ولغيبة المال ونحو ذلك. أما تأخيرها من أجل رمضان فلا يجوز إلا إذا كانت المدة يسيرة، كأن يكون تمام الحول في النصف الثاني من شعبان فلا بأس بتأخيرها إلى رمضان.

*ما صفة الإطعام للعاجز عن الصيام؟

له طريقتان:

الأولى: أن يصنع طعاماً ويدعو المساكين إليه.

الثانية: أن يفرق الطعام على المساكين سواءً كان مطبوخاً أم لا.

*ما هو وقت الإطعام لمن عجز عن الصيام؟

من أفطر لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فهو بالخيار:

إن شاء أطعم عن كل يوم من رمضان بيومه.. وإن شاء قدَّم الإطعام عن الشهر كله في أول رمضان.. وإن شاء أخره كله إلى آخر يوم.

*هل للعمرة في شهر رمضان ميزة خاصة؟

العمرة في رمضان لها من المزيّة والفضل ما ليس لغيرها، فقد ثبت من حديث أبي معقل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عمرة في رمضان، تعدل حجة) رواه أحمد وابن ماجه، والمعنى كما ذكر العلماء: أنها تقوم مقامها في الثواب لا أنها تعدلها في كل شيء؛ فإنه لو كان عليه حجةً فاعتمر في رمضان لا تجزئه عن حج الفريضة.

والمضاعفة الحاصلة للأجر سببها كما يقول الإمام ابن الجوزي: ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت؛ ولذلك كان للعمرة في رمضان ثوابٌ مضاعف كما لغيرها من الحسنات.

*ما حكم من شرع في قراءة القرآن ولم يتمكن من ختمه قبل رمضان؟

عليه أن يكمل ختمته أولا ثم يبدأ ختمة جديدة.

*ما حكم من نوى الاعتكاف في رمضان وله أب وأم يحتاجان للرعاية؟

أوصى الله عز وجل بالوالدين خيرا، وفرض برهما، ولم يفرض الاعتكاف، والمسلم لن يوفق في اعتكافه ولا في أي طاعة من القربات النافلة إلا بعد أداء حق الله في الفرائض، فليلتمس الإنسان رضا والديه، وليتقِ الله تعالى فيهما، خاصة بعد كِبَرهما، وضعفهما، وشدة حاجتهما إليه، فليرحم ذلك الضعف، لعل الله أن يرحمه في الدنيا والآخرة، وليحسن إليهما لعل الله أن يحسن إليه في الدنيا والآخرة.

_____________________________________

المصادر:

1- شبكة الألوكة

2- الإسلام سؤال وجواب

3- طريق الإسلام

4- صيد الفوائد

5- إسلام ويب

مواضيع ذات صلة