كذبة أبريل.. هل تُعد البهجة عيبا؟!

تاريخ النشر الأصلي 2019-04-01 10:45:01.

مما انتشر بين عامة الناس ما يسمى “كذبة نيسان” أو “كذبة أبريل” وهي: زعمهم أن اليوم الأول من الشهر الرابع الشمسي -نيسان- يجوز فيه الكذب من غير ضابط شرعي.. وقد ترتب على هذا الفعل مفاسد كثيرة…

(مقتطف من المقال)

إعداد/ فريق التحرير

كذبة أبريل

قد يظن بعض الناس أنه يحل له الكذب إذا كان مازحاً، وهو العذر الذي يتعذرون به في كذبهم في أول “إبريل” أو في غيره من الأيام، وهذا خطأ، ولا أصل لذلك في الشرع المطهَّر.

كذبة إبريل.. تقليد غربي شائع في الأول من شهر إبريل من كل عام.. تعددت الأقوال والآثار في أصله.. ومتى وكيف نشأ؟.. ونُسبت بداياته للعديد من الأحداث الاجتماعية والدينية والتاريخية والتراثية.. بل وحتى المناخية في دول مختلفة!

وبعيدا عن كل الأصول المُختلف في صحتها.. يتبادر إلى الذهن أسئلة من قبيل: ما المانع من إدخال البهجة والسرور على قلوبنا وقلوب الآخرين بمزحات لطيفة.. تنكشف سريعا ولا تستمر؟ هل تُعد البهجة كذبا؟ وهل مسايرة العالم كله في تقليدٍ قديم يُعتبر عيبا؟.. والأهم.. هل مثل هذه الأمور الحياتية البسيطة يمكن اعتبارها معاصي؟

أسئلة عديدة.. تثار قليلا قبل إطلاق الكذبة.. وتُثار كثيرا بعد إطلاقها واستشعار ما سببته من مشكلات اجتماعية وضيق وضجر لدى البعض.. وتبعات قد تبدو أعمق مما نتصور.

لذا قمنا بعرض بعض ما قيل في هذا الأمر لتعم الفائدة.. وليتجنب الناس هذا الفخ.. فخ كذبة إبريل.

(الكذب من مساوئ الأخلاق، وبالتحذير منه جاءت الشرائع، وعليه اتفقت الفِطر، وبه يقول أصحاب المروءة والعقول السليمة.. وفي شرعنا الحنيف جاء التحذير منه في الكتاب والسنة، وعلى تحريمه وقع الإجماع، وكان للكاذب عاقبة غير حميدة إن في الدنيا أو في الآخرة”.

ولم يأت في الشرع جواز “الكذب” إلا في أمورٍ معينة فيها إنقاذ للنفس أو إصلاح بين اثنين، أو مودة بين زوجين. ولم يأت في الشريعة يومٌ أو لحظة يجوز أن يكذب فيها المرء ويخبر بها ما يشاء من الأقوال، ومما انتشر بين عامة الناس ما يسمى “كذبة نيسان” أو “كذبة أبريل” وهي: زعمهم أن اليوم الأول من الشهر الرابع الشمسي -نيسان- يجوز فيه الكذب من غير ضابط شرعي.. وقد ترتب على هذا الفعل مفاسد كثيرة.. قال تعالى: “إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ” (النحل:105).

الكذب عند المزاح

وقد يظن بعض الناس أنه يحل له الكذب إذا كان مازحاً، وهو العذر الذي يتعذرون به في كذبهم في أول “إبريل” أو في غيره من الأيام، وهذا خطأ، ولا أصل لذلك في الشرع المطهَّر، والكذب حرام مازحاً كان صاحبه أو جادّا  فالكذب في المزاح حرام كالكذب في غيره .

عن ابن عمر قال: قال صلى الله عليه وسلم: (إني لأمزح ولا أقول إلا حقّاً).  رواه الطبراني.

وعن أبي هريرة قال قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا، قال: (إني لا أقول إلا حقا). رواه الترمذي.

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال حدثنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى نبل معه فأخذها فلما استيقظ الرجل فزع.. فضحك القوم، فقال: ما يضحككم؟ فقالوا: لا إلا أنا أخذنا نبل هذا ففزع.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً. رواه أبو داود.

عن عبد الله بن السائب بن يزيد عن أبيه عن جده أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعباً ولا جادّاً، ومن أخذ عصا أخيه فليردها). رواه أبو داود والترمذي.

عواقب الكذب

وقد توعد الله تعالى بعواقب للكاذبين المداومين على الكذب منها:

1-النفاق في القلب

قال تعالى: “فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ” (التوبة:77).

2-الهداية إلى الفجور وإلى النار

عن عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الصدق بر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن العبد ليتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدِّيقا، وإن الكذب فجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن العبد ليتحرى الكذب حتى يكتب كذاباً). رواه البخاري.

3-رد شهادته

قال ابن القيم: (الحكمة في رد شهادة الكذاب) وأقوى الأسباب في رد الشهادة والفتيا والرواية: الكذب؛ لأنه فساد في نفس آلة الشهادة والفتيا والرواية، فهو بمثابة شهادة الأعمى على رؤية الهلال، وشهادة الأصم الذي لا يسمع على إقرار المقر؛ فإن اللسان الكذوب بمنـزلة العضو الذي قد تعطل نفعه، بل هو شر منه، فشر ما في المرء لسان كذوب.

4-سواد الوجه في الدنيا والآخرة

قال تعالى: “وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ” (الزمر: 60) .

ولا يهمنا معرفة أصل هذه الكذبة بقدر ما يهمنا حكم الكذب في يومها، والذي نجزم به أنها لم تكن في عصور الإسلام الزاهرة الأولى، وليس منشؤها من المسلمين، بل هي من أعدائهم.

حوادث كذبة أبريل وما أكثرها…

والحوادث في كذبة أبريل كثيرة، فمن الناس من أخبر بوفاة ولده أو زوجته أو بعض محبيه فلم يحتمل الصدمة ومات، ومنهم من يخبر بإنهاء وظيفته أو بوقوع حريق أو حادث تصادم لأهله فيصاب بشلل أو جلطة أو ما شابههما من الأمراض.

وهكذا في قصص لا تنتهي وحوادث لا نهاية لها، وكله من الكذب الذي يحرمه الدين والعقل، وتأباه المروءة الصادقة..

وقد رأينا كيف أن الشرع حرَّم الكذب حتى في المزاح، وأنه نهى أن يُروَّع المسلم سواء كنت جادّاً أو مازحاً معه في الحديث أو الفعل.. فهذا شرع الله فيه الحكمة والعناية بأحوال الناس وإصلاحهم.)

_________________________________

المصدر: بتصرف عن صيد الفوائد https://saaid.net/arabic/184.htm

مواضيع ذات صلة