تاريخ النشر الأصلي 2019-09-21 12:51:18.
إعداد/ فريق التحرير
كلمة التوحيد “لا إله إلا الله” المفتاح الأكيد لدخول الجنة، والوصول إلى دار السعادة، والانتقال من حياة الابتلاء والشقاء، إلى حياة الطمأنينة والرخاء. هذا ما هو مستقرٌّ في النفوس المؤمنة التي تقرأ في صفحات الكتب، أو تسمع من أفواه الخطباء والوعّاظ، قول سيد الأولين والآخرين –صلى الله عليه وسلم- (من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، حَرمَ الله عليه النار) رواه الترمذي.
غير أن البعض يقف عند هذا الحد، ويكتفي في إقامة التصوّر للنجاة بمجرّد الربط بين قول هذه الكلمة، وبين دخول الجنّة.. والحقيقة أن كلمة التوحيد ليست مجرد كلمة نَعبُر بها من حالة مضطربة لحالة أخرى أكثر استقرارا.. بل هي كلمة جامعة تحوي معانٍ لا حصر لها.. ربما تساعدكم السطور القادمة في تكوين صورة واضحة المعالم عنها.
أولا: معنى كلمة التوحيد
كلمة التوحيد هي كلمة الإخلاص، وشهادة الحق، ودعوة الرسل، والبراءة من الشرك، ولأجلها خُلق الخلق كما قال تعالى: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ” (الذاريات: 56) ولأجلها أرسلت الرسل، وأُنزلت الكتب كما قال تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ” (الأنبياء:25)، وهي الركن الأول من أركان الإسلام، وهي مفتاح الجنة، وهي عنوان الإسلام وأساسه.
جمعت (لا إله إلا الله) الإيمان واحتوته، ومعناها: لا معبود يستحق العبادة إلا الله سبحانه؛ فهي جامعة للنفي والإثبات، فـ( لا إله ) نفي لجميع ما يُعبد من دون الله، و ( إلا الله ) إثبات العبادة لله وحدة لا شريك له في العبادة دون غيره من المعبودات.
غير أنه ليس المقصود من دعوة الرسل مجرد التلفظ بالكلمة فحسب، بل لا بد من توفر شروطها حتى تكون نافعة عند الله سبحانه وتعالى. وقد ذكر العلماء من شروط لا إله إلا الله ما يلي:
ثانيا: شروط كلمة التوحيد
- العلم بمعناها.. قال تعالى: “فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ…” (محمد:19)
وفي الصحيح عن عثمان بن عفان – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة). رواه مسلم
- اليقين.. بأن يكون القائل مستيقناً بمدلول هذه الكلمة يقيناً جازماً، فإن الإيمان لا يغني فيه إلا اليقين لا الظن، قال تعالى: “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا…” (الحجرات:15) فاشترط في صدق إيمانهم كونهم لم يرتابوا، أي لم يشكوا، وفي الصحيح من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاكّ فيهما فيحجب عن الجنة). رواه مسلم.
- القبول لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه.. والمراد بالقبول هنا هو المعنى المضاد للرد والاستكبار، ذلك أن الله أخبرنا عن أقوام رفضوا قول لا إله إلا الله، فكان ذلك سبب عذابهم، قال تعالى: “إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ. إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ” (الصافات:34-35).
- الانقياد لما دلت عليه.. قال تعالى: “وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ” (الزمر : 54)، وقال: “وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ…” (لقمان: 22)، ومعنى يسلم وجهه أي ينقاد، وهو محسن؛ أي موحد، والعروة الوثقى فُسِّرت ب(لا إله إلا الله).
- الصدق.. وهو أن يقولها صادقاً من قلبه، يواطئ قلبه لسانه، قال الله عزّ وجلّ: “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ. يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ” (البقرة : 8-9 ) . فهم كاذبون في قولهم، يبطنون غير ما يعلنون، وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار )، فاشترط في النجاة من النار أن يقولها صدقاً من قلبه .
- الإخلاص.. وهو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك ، قال الله تعالى: “أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ…” (الزمر:3) وقال: “وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ” (البينة :5).
وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : (أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه ونفسه).
وفي الصحيح عن عتبان بن مالك – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله عزّ وجلّ).
- المحبة.. لهذه الكلمة ولما اقتضته ودلت عليه ولأهلها العاملين بها الملتزمين لشروطها وبُغض ما ناقض ذلك، قال الله عزّ وجلّ: “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ” (البقرة : 165) فأخبر أن عباده المؤمنين أشد حباً له سبحانه، وذلك لأنهم لم يتخذوا من دونه أنداداً، وعلامة حب العبد ربه تقديم ما ارتضاه الله، وإن خالف هواه، وبغض ما يبغض ربه وإن مال إليه هواه، وموالاة من والى الله ورسوله، ومعاداة من عاداه الله ورسوله، واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم واقتفاء أثره وقبول هداه.
ثالثا: فوائد ترديد كلمة التوحيد
وأما الفوائد التي تحصل لذاكرها ومرددها فكثيرة جداً..
منها الزهد، والتوكل، وهو ثقة القلب بالوكيل الحق سبحانه وتعالى .
ومنها الحياء.. بتعظيم الله عز وجل بدوام ذكره، والتزام امتثال أمره ونهيه .
ومنها الشكر، وهو إفراد القلب بالثناء على الله تعالى، ورؤية النعم في طي النقم.
رابعا: فضل كلمة التوحيد
وأما فضائلها فكثيرة نذكر منها أنها:
- نجاة من النار .
- توجب المغفرة .
- أحسن الحسنات .
- تمحو الذنوب والخطايا.
- تجدد ما درس من الإيمان في القلب .
- لا يعدلها شيء في الوزن.
- تخرق الحُجب كلها حتى تصل إلى الله عز وجل إذا قالها القائل.
- يُنظر الله إلى قائلها ويجاب دعاه إذا كان قالها مخلصاً.
- أفضل ما قاله النبيون .
- أفضل الذكر.
- أفضل الأعمال وأكثرها تضعيفاً في الأجر، وتعدل عتق رقبة وتكون حرزاً من الشيطان.
- أنها أمان من وحشة القبر وهول الحشر.
- شعار المؤمنين إذا قاموا من القبور.
- أن قائلها لا يخلد في النار.
ولعل أعظم فضائل كلمة التوحيد ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: (إن نوحا عليه السلام قال لابنه عند موته: آمرك بلا إله إلا الله ؛ فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة رجَحت بهم لا إله إلا الله)..
فاللهم يا مقلب القلوب.. ثبت قلوبنا على دينك، واملأها بالتوحيد والإخلاص لك…
____________________________________
المصادر:
- الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
http://www.ibn-jebreen.com/books/1-72-4674-4210-29186.html
- موسى بن سليمان السويداء، ما لا تعرفه عن كلمة التوحيد، صيد الفوائد
https://saaid.net/Minute/412.htm
- كلمة التوحيد : معناها ، فضلها ، شروطها http://bit.ly/2o56RJi
- معنى لا إله إلا الله وشروطها، موقع طريق الإسلام http://bit.ly/2oxKuze
- كيف تكون محققًا لشروط لا إله إلا الله، http://www.islamweb.net