تاريخ النشر الأصلي 2017-06-01 09:06:56.
اعتاد كثير من الناس -للأسف- على سلوكيات خاطئة يمارسونها سنوياً في شهر رمضان، حتى صارت عادة لهم، لا ينفكون عنها، وهي من العادات الخاطئة التي ينبغي على المسلم التخلص منها.
من تلك العادات الخاطئة:
السهر:
إن وقت المسلم وقت ثمين جدًّا، سواء في شهر رمضان أو غيره، ولا مجال فيه للمسلم الجاد أن يقضيه في اللهو والسهر الفارغ الطويل، وفي السهر بالليل تضيع الفرائض بالنهار، أو تتأخر عن وقتها، أو يقل فيها الخشوع، ويفوّت المسلم على نفسه وقت البكور وما فيه من خير، وتضيع لذة الصيام، والشعور بالحكمة من مشروعيته من مجاهدة النفس، والشعور بالجوع، وتذكّر الفقراء والمحتاجين، وتذكر نعمة الله عليه بالطعام والشراب التي يتمتع بها طيلة العام، ثم تحجب عنه في هذه الأيام القليلة.
قال ابن مفلح: “واعلم أن الزمان أشرف من أن يضيع منه لحظة، فكم يُضيِّع الآدمي من ساعات، يفوته فيها الثواب الجزيل، وهذه الأيام مثل المزرعة، وكأنه قد قيل للإنسان: كلما بذرت حبةً أخرجنا لك ألفاً، هل يجوز للعاقل أن يتوقف عن البذر أو يتوانى؟”، وقد كان السلف رضوان الله عليهم إذا دخل عليهم ذلك الشهر تناكر بعضهم من بعض، حتى إذا فرغوا اجتمعوا، وأقبل بعضهم على بعض”.
فمن ابتلي بالسهر عليه أن يعمل جاهداً للتخلص من هذه العادة لأنها من أسوأ العادات الخاطئة في الشهر الفضيل، وذلك بطلب العون من الله تعالى، ومحاولة تعويد النفس على النوم مبكراً، فإن النفس إذا عوّدت اعتادت.
كثرة النوم:
الوقت في رمضان رأس مال المسلم، ومضمار سباقه، وكنزه الثمين الذي ينبغي ألا يضيعَ منه، كما لا ينبغي أن يفوته فيما لا ينفعه، ولا يعود عليه بفائدة؛ ككثرة النوم في نهار رمضان هو من العادات الخاطئة كذلك؛ ففي النوم في النهار تضييع للفرائض المكتوبة، أو تأخريها عن وقتها، وفوات كثير من الطاعات والأوقات الفاضلة، فتضيع معها لذة الصيام، واستشعار حكمة مشروعيته، فيقضي المرء يومه دون أن يعيش حقيقة الصيام، ولا يدخل أثره إلى قلبه.
فيجب على المسلم أن يقضي نهار رمضان في قراءة القرآن، والتسبيح، وكثرة الذكر، والاستغفار، ومطالعة ما يفيده من الكتب النافعة، والعلوم المفيدة.
إضاعة الجماعة:
من العادات الخاطئة أيضا التي يقع فيها بعض الصائمين في شهر رمضان إضاعة الجماعة لعذر الكسل أو النوم، أو الاشتغال بما لا يجدي نفعاً، وليعلم مضيع الجماعات أنه بذلك يضيع عليه الصلاة في أفضل بقاع الأرض وهي المساجد، وأن عظم الأجر مع كثرة الخُطى إلى المساجد، وأن الملائكة تدعو له وهو ما زال في انتظار الصلاة، ويصلون على الصف الأول في الجماعة، وأن الشياطين لا تستحوذ عليه، وأن من خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله إن عاش رُزق وكُفي، وإن مات دخل الجنة، فأين كل هذا من مضيع صلاة الجماعة؟
كثرة الأكل:
قال تعالى: “يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ” (الأعراف:31)، وقال تعالى: “وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا. إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا” (الإسراء: 26- 27). أصبح رمضان في أذهان كثير من الناس مقترناً بكثرة الأكل، وإنما افترضه الله على المسلمين ليضيقوا على الشهوة مساربها، ويضيعوا على النفس الأمارة مآربها.
قال أبو حامد الغزالي: (لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار بحيث يمتلئ جوفه، فما من وعاء أبغض إلى الله عز وجل من بطن مليء من حلال، وربما يزيد عليه في ألوان الطعام، حتى استمرت العادات بأن تدخر جميع الأطعمة لرمضان، فيؤكل من الأطعمة فيه ما لا يؤكل في عدة أشهر).
الانشغال في إعداد الأطعمة:
إن الانشغال في إعداد أنواع الأطعمة المختلفة مما يضيع الوقت في شهر رمضان المبارك وهو من أسوأ العادات الخاطئة التي لا تنتبه لها ربة المنزل؛ فرمضان ليس شهر أكل وشرب، وانغماس في إعداد الأطعمة، وإنما هو شهر عبادة وطاعة، وقرب من الله تعالى، فعلينا تفريغ أكبر قدر من الوقت للعبادة، وقراءة القرآن، وذكر الله عز وجل، والدعاء وغير ذلك، وهذا يخالف سر الصيام، وهو التخفف من المطعومات، لكن بعض الناس يحسب الفطور والغداء والعشاء، ثم يقضيه مرة واحدة، فيهيئ حتى تصبح بعض البيوت كأن فيها حرائق، يبدؤون بعد صلاة الظهر، هذا للإفطار، وبعضهم يبدأ من وقت الضحى؛ ليكون كمن أهدى بدنة في الساعة الأولى، فتجد البيت في حالة استنفار وطوارئ، ثم تُعرض الموائد، وهذا فيه ما فيه من: إشغال النفس عن مطلوبها وهو الله عز وجل، والتبذير والإسراف، وإرهاق أهل البيت، حيث يقضون معظم وقتهم في الطبخ بعيداً عن قراءة القرآن، والتسبيح، والاستغفار.
وليعلم الجميع بأنَّ كلنا راعٍ، وكلنا مسؤول عن رعيته؛ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راعٍ، ومسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله، وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسئولة عن رعيتها…).
إضاعة الأوقات بسماع البرامج و الألعاب:
في شهر رمضان وهو شهر العبادة والذكر والصلاة والدعاء، نجد بعض الصائمين يسرفون في الاستماع إلى برامج والاشتراك في ألعاب يزعمون أنها مسلّية تضيّع الوقت؛ فتفني الساعات في غير منفعة.
تأخير الإفطار بلا عذر:
نجد في شهر رمضان أن هناك الكثير من الصائمين يؤخرون الإفطار مخالفين بذلك كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن كثير رحمه الله: “وقوله تعالى: “ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ” (البقرة:187) يقتضي الإفطار عند غُرُوب الشمس حكماً شرعياً”، عن أبي الدرداء رضي الله عنه رفعه قال: (ثلاث من أخلاق النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة). وعن سهل بن سعد رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر).
الفطر مع عدم التيقُّن من الغروب:
نجد في شهر رمضان أن هناك من الصائمين من يتعجل الإفطار دون التيقن من غروب الشمس، مخالفين بذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن حزم رحمه الله: (من أكل شاكًّا في غروب الشمس أو شرب فهو عاصٍ لله تعالى، مفسدٌ لصومه)، وقال ابن القيم رحمه الله: (إذا شك الصائم في غروب الشمس لم يجز له الفطر، ولو أكل أفطر).
تعجيل السحور:
نجد في شهر رمضان أنَّ هناك من الصائمين من يتعجل السحور، دون النظر إلى سنية تأخيره، مخالفين بذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي الدرداء رضي الله عنه رفعه قال: (ثلاث من أخلاق النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور…)، وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال:(تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قام إلى الصلاة. قلت: كم كان بين الآذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية). وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: (كنت أتسحر في أهلي، ثم تكون سرعتي أن أدرك السجود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم). فتأخير السحور هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي تعجيله مخالفة صريحة له.
_________________________________
المصدر: بتصرف يسير عن موقع طريق الإسلام http://bit.ly/2pSr6NO