تاريخ النشر الأصلي 2019-01-02 13:55:21.
ماركو كوربس.. راهب فلبيني سابق.. لإسلامه قصة طويلة يرويها بنفسه..
هذه هي قصتي: خلال طفولتي، رُبِّيت جزئيًّا على الكاثوليكيَّة. أما جدي وعمتي فقد كانا مُعالِجَيْن روحانيَّيـْن يعبدان الأصـنام والأرواح. وقد شهدت الكثير من المرضى الَّذين جاءوا إليهـما من أجـل العلاج، وكيف كانوا يبرأون. ولذلك فقد تسبَّبا في إتباعي لما يؤمنان به.
عندما وصلت السابعة عشرة من عمري، لاحظت بأنَّ هناك الكثير من الأديان، والَّتي تحوي أنواعاً مختلفةً من التعاليم، على الرغم من أنَّ لها نفس المصدر، وهو الإنجيل. وكلٌّ منها يدَّعي بأنَّه الدِّين الحقّ. عندها تساءلت: هل يتوجَّب عليَّ أن أبقى على دين عائلتي، أم أنِّي يجب أن أُجرِّب الاستماع إلى الأديان الأخرى؟
وفي أحد الأيام دعاني ابن عمي لحضور عيد الخميس في الكنيسة. كان دافعي هو مشاهدة ما يفعلونه داخل كنيستهم. فشاهدت كيف كانوا يغنُّون، ويصفِّقون، ويرقصون، و يبكون رافعين أيديهم في دعائهم ليسوع (عليه السلام). وقام الراهب بالوعظ بخصوص الإنجيل. ثم ذكر الفقرات الأكثر شيوعاً، والَّتي يقتبسها كلُّ المبشِّرين، وهي تلك الَّتي تتعلَّق بألوهية المسيح (عليه السلام)، مثل: يوحنا 1:12 ، ويوحنا 3:16، ويوحنا 8:31-32. وفي ذلك الوقت، ولدت من جديد كمسيحيّ، وقَبِلْتُ يسوع المسيح (عليه السلام) كإلهي ومُخلِّصي.
كان أصدقائي يزوروني كلَّ يومٍ للذهاب إلى الكنيســة. وبعد شهرين تمَّ تعميدي، فأصبحت عضواً منتظماً في صلاتهم. وبعد مرور خمسة أعوام، أقنعني راهبنا بالعمل في الكهنوت كعاملٍ متطوِّع. وبعد ذلك أصبحت المنشد الرئيسي، ثم القائد في الصَّلاة، ثم معلِّماً في مدرسة الأحد، ثم أصبحت أخيراً راهباً رسميّاً في الكنيسة. وكان عملي خاضعاً لبعثة التبشير الإنجيليَّة القرويَّة الحرَّة (F.R.E.E.). .
بدأت تعليم الناس الإنجيل وتعاليـمه. وقرأت الإنجيل مرَّتين من الغلاف إلى الغلاف.. وأجبرت نفسي على حفظ أجزاءٍ وآياتٍ منه عن ظهر قلبٍ من أجل الدِّفاع عن الدِّين الَّذي كنت أُومن به. وأصبحت فخوراً بنفسي لهذا المنصب الَّذي حظيت به. وكنت غالباً ما أقول لنفسي بأنِّي لا أحتاج إلى أيِّ تعاليم أو نصوص أخرى عدا الإنجيل. ولكن مع ذلك، كان هناك فراغٌ روحيٌّ في داخلي.
صلَّيت، وصُمْت، واجتهدت لإرضاء مشيئة الإله الَّذي كنت أعبده، ولم أكن أجد السعادة إلَّا عندما كنت أتواجد في الكنيــسة. لكن هذا الشعور بالسعادة لم يكن مستمرّاً، وحتى عندما كنت أتواجد مع عائلتي. ولاحظت أيضاً أنَّ بعض أصدقائي من الرُّهبان ماديُّون. فهم يغمسون أنفسهم في الشــهوة الجسديَّة كالعلاقات المحرَّمة مع النِّساء والفساد وتعطُّشهم للشهرة.
ماركو كوربس : أدركت الحقيقة المطلقة في الإسلام
وعلى الرغم من كلِّ ذلك فقد واصلت – وبطريقةٍ عمياء – اعتناقي الدِّين بقوَّة. وذلك لأنِّي كنت أعرف -وحسب ما تقوله التعاليم- “بأنَّ الكثيـرين يُدْعَوْن، ولكنَّ القلــيل منهم يُخْتارون”. كنت دوماً أُصلِّي ليسوع المسيح (عليه السَّـلام) ليغفر لي ذنوبي وكذلك ذنوبهم. فقد كنت أظنُّ بأنَّه (عليه السَّـــلام) هو الحلُّ لكلِّ مشكلاتي ولذلك فإنَّه يستطيع الاستجابة لكلِّ دعائي.
مع ذلك – وبالنظر إلى حياة زملائي من الرُّهبان- فإنَّك لا تستـطيع أن تجد بينهم أمثلةً جيّدةً مُقارنةً بالرعيَّة الَّتي يعظونها. وهكذا بدأ إيماني يخفت، وناضلت بصــعوبة بالغة على العمل في خدمة الصَّلاة الجماعيَّة.
في أحد الأيام ، فكرت في السفر إلى الخارج، وليس ذلك من أجل العمل فقط ، بل وأيضاً من أجل نشر اسم يسوع كإله؛ أستغفر الله العظيم . وكان في خطتي الذهـاب إمَّا إلى تايوان أو كوريا. إلَّا أنَّ مشيئة الله تعالى كانت في حصولي على تأشيرة عملٍ في المملكة العربيَّة السعوديَّة. ووقَّعت في الحال عقداً لمدَّة ثلاثة أعوام للعمل في جدَّة.
بعد أسبوعٍ من وصولي إلى جدَّة، لاحظت أُسلوب الحياة المختلف، كاللغة، والعادات والتقاليد، حتى الطعام الَّذي يأكلونه. فقد كنت جاهلاً تماماً بثقافات الآخرين.
الحمد لله؛ فقد حدث أن كان لديَّ زميلٌ فلبينيٌّ في المصنع، وهو مسلمٌ يتكلَّم العربيَّة. لذلك ومع أنِّي كنت متوتِّراً، إلَّا أنِّي حاولت سؤاله عن المسلمين، وعن دينهم ومعتقداتهم. فقد كنت أعتقد بأنَّ المسلمين من عُتاةِ القَتَلة، وأنَّهم يعبدون الشيطان والفراعنة ومحمَّداً (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) كآلهةٍ لهم. وحدَّثته عن إيماني بالمسيح (عليه السلام). وكردِّ فعلٍ على ذلك أخبرني أنَّ دينه يختلف تماماً عن ديني. واقتبس آيتيْن من القرآن الكريم . الأولى من سورة المائدة وهي الآية الثالثة الَّتي جاء فيها: “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِينًا…“
والأخرى من سورة يوسف: “مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَءَابَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُـــلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ” (يوسف:40).
هاتان الآيتان أصبنني بصدمةٍ قويَّة. بعد ذلك بدأت بملاحظة حياته. وكلَّ يومٍ كنَّا نتحدث كلٌّ عن دينه، حتى أصبحنا في النِّهاية صديقيْن حميميْن. وفي إحدى المناسبات ذهبنا إلى البلد (المنطقة التجاريَّة من جدَّة) لإرسال بعض الرســائل. وهناك حدث أن رأيت جمهرةً من أُناسٍ كثيرين يشاهدون فيلماً لمناظرةٍ لأحد أفضل “المبشِّرين” لديّ. أخبرني صديقي المسـلم بأنَّ هذا الَّذي أدعوه “بأفضل مبشِّرٍ لديّ” كان الشيخ أحمد ديدات، وهو داعيةٌ إسلاميٌّ مشهور. فأخبرته بأنَّ رهباننا في الوطن جعلونا نعتقد بأنَّه “مبشِّرٌ عظيمٌ” فقط؛ وأخفوا عنَّا شــخصيَّته الحقيقيَّة بأنَّه داعيةٌ مسلم! ومهما كانت نيَّتهم، فإنَّها بالتأكيد كانت لإبعادنا عن معرفة الحقيقة. وعلى الرغم ممَّا عرفته، فقد اشتريت أشرطة الفيديو، وبعض الكتب أيضاً لأقرأ عن الإسلام.
وفي مكان إقامتنا، حدَّثني صديقي عن قصص الأنــبياء. وكنت حقيقةً مُقتنعاً، لكنَّ كبريائي أبقاني بعيداً عن الإسلام. وبعد مُضيِّ سبعة أشهر ، حضر إليَّ في غرفتي صديقٌ آخر – وهو مسلمٌ من الهند – وأعطاني نسخةً من ترجمة معاني القرآن الكريم بالإنجلـيزيَّة. وفيما بعد قادني إلى البلد، ثم اصطحبني إلى المركز الإســلاميّ. قابلت هناك أحد الإخوة الفلبينيِّين؛ ودار بيننا نقاشٌ حول بعض المسائل الدينيَّة، وقام بربط ذلك بمقارنةٍ لحياته قبل الإسلام – حين كان مسيحيّاً – وبعده ؛ ثم شرح لي بعض تعاليم الإسلام.
وفي تلك الليلة المباركة، في الثامن عشر من نيسان لعام 1998 -وبلا إكراه- دخلت الإسلام أخيراً. وأعلنت دخولي الإسلام بترديد الشهادتين.
الله أكبر! كنت سابقاً أتَّبع ديناً أعمى، أمَّا الآن فإنِّي أرى الحقيقة المطلقة بأنَّ الإسلام هو الطريقة الأفضل والكاملة للحياة المصمَّمة لكلِّ البشريَّة. الحمد لله ربِّ العالمين.
وأدعو الله تعالى أن يغفر لنا كلَّ جهلنا بخصوص الإسلام، وأن يهدينا سبـحانه وتعالى صراطه المستقيم الَّذي يقود إلى الجنَّة. آمين.
________________________________________
المصدر: بتصرف يسير عن كتاب/ عظماء أسلموا، الصادق عبد الرحمن برير، ص:132