تاريخ النشر الأصلي 2020-04-03 02:27:14.
إعداد: فريق تحرير موقع "المهتدون الجدد"
بعد أن تحدثنا فيما سبق عن مشروعموية الزواج وحكمته، ثم تحدثنا عن فترة الخطبة وآدابها، وتناولنا أحكام العقد وشروطه، نتحدث الآن عن الخطوة التالية في مشروع الزواج، وهي الزفاف وما يتعلق به من أحكام.
والزفاف يعد هو الخطوة الأخيرة في إتمام عملية الزواج؛ بحيث فيه تنتقل الزوجة إلى بيت زوجها ليقيما معًا ويكونا أسرة تتحدد طبيعتها حسب مراعاتهما لشرع الله عز وجل منذ البداية.
ولذا فمن المهم أن يراعي الزوجان حدود الله عز وجل والضوابط الشرعية حتى يبارك الله لهما في زواجهما، خاصة أن هذه المحطة من رحلة الزواج قد يتساهل بعض الناس فيها بحجة إدخال الفرح والسرور فيرتكبون ما يغضب الله تعالى، كما أن بعضهم الآخر قد يتشدد فيها بحيث يحرم نفسه وزوجته مما أحله الله تعالى من الفرح والسرور اللازمين لهذه المناسبة التي ستشهد تكون أسرة مسلمة تقيم شرع الله تعالى.
وفيما يلي نعرض لأبرز الأحكام والضوابط الشرعية التي يجب مراعاتها في الزفاف أو البناء.
متى يستحب البناء؟
يستحب البناء أو الزفاف في شهر شوال؛ وذلك لما روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شوال، وبنى بي في شوال، فأي نساء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أحظى عنده مني؟! وكانت تستحب أن يدخل نساؤها في شوال”.
الاحتفال بالزفاف
لقد شرع الإسلام ألوانا من اللهو المباح والترفيه الحلال حتى لا تمل النفس؛ فشرع الاحتفال بالعيدين واللهو فيهما بما يذهب عن النفس سأمها، وشرع كذلك إدخال الفرح والسرور في حفلات الزفاف للزواج.
لقد شرع الله تعالى وسن رسوله صلى الله عليه وسلم في الزفاف الضرب على الدفوف والغناء المنضبط المنزه عن الخلاعة والمجون والفسق.
والدليل على مشروعية ضرب الدفوف حديث عائشة رضي الله عنها الذي رواه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أعلنوا بالنكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف”.
وأخرج الترمذي والنسائي وابن ماجه “فصل ما بين الحلال والحرام ضرب الدف، والصوت في النكاح”.
أما مشروعية الغناء فمما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عائشة “ما كان معهم من لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو”. وقال ابن عباس: زوجت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “أهديتم الفتاة؟ قالوا: نعم. قال: أرسلتم معها من يغني؟ قالت: لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الأنصار قوم فيهم غزل، فلو بعثتم معها من يقول: أتيناكم أتيناكم، فحيانا وحياكم”؟.
محذورات ومحظورات في الزفاف
لكن هناك بعض المحظورات التي تنتشر خصة هذه الأيام في الأفراح، والتي تخرج عن ضوابط الشريعة ولا بد من الحذر منها مثل:
- الغناء الفاحش الذي يحوي المحرمات من الألحان والكلمات، وما يصاحبه أحيانا من رقص وخلاعة.
- التبرج الذي تظهر به كثير من الناس، والتخلي عن اللباس الشرعي، خاصة إذا كان هناك اختلاط بين الجنسين.
- شرب الخمور وما شابهها من المحرمات.
حكم الوليمة وآدابها
من الأمور التي شرعها الإسلام في حفل البناء أن يولم الزوج ويدعو أهله وأهل بلده للأكل منها؛ وذلك إظهارا للفرح وتوطيدا للعلاقات الاجتماعية والروابط الأخوية.
وقد اختلف الفقهاء في حكم الوليمة؛ فمنهم من ذهب إلى أنها واجبة، ومنهم من ذهب إلى أنها سنة مستحبة، وهو الراجح من آراء الفقهاء.
من أحكام الوليمة وآدابها :
- أن يولم بشاة أو أكثر إن وجد سعة؛ فقد روى الشيخان عن أنس رضي الله عنه أنه قال: “ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم على امرأة من نسائه ما أولم على زينب؛ فإنه ذبح شاة”.
- ينبغي الحذر من الإسراف في الوليمة فالإسلام دين العدل والتوسط .وقد نهى الله تعالى عن الإسراف في كل شيء.
- يشرع لصاحب الوليمة أن يدعو أهله وأقاربه وجيرانه وأصحابه كما ينبغي أن يدعو لها أهل الخير والصلاح .
- يجوز الوليمة بأي طعام تيسر ولو لم يكن فيها لحم؛ لحديث أنس رضي الله عنه: “أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبنى عليه بصفية، فدعوت المسلمين إلى وليمته وما كان فيها من خبز ولا لحم…”.
- لا يجوز في وليمة العرس أن يخص الداعي الأغنياء دون الفقراء فالمؤمنون أخوة متحابون وليس في الإسلام طبقية والفقراء أحوج بالدعوة من ولقوله صلى الله عليه وسلم: “شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغبياء، ويمنعها المساكين، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله”.
- استحضار نية تطبيق السنة الواردة في قول النبي صلى الله عليه وسلم “أولم ولو بشاة” عند إرادة إقامة الوليمة ليحصل لصاحب الوليمة الأجر والمثوبة في كل ما يقوم به مما هو مشروع .
- أن لا يكون من مقاصد إقامة الوليمة الرياء والسمعة والمفاخرة بها ويظهر ذلك بالتكلف المبالغ فيه لكي يتكلم الناس عنه
-
ما يستحب فعله إذا دخل على زوجته
بعد أن ينتهي حفل الزفاف ويخلو الزوج بزوجته فيستحب له أن يلاطفها، كان يقدم إليها شيئًا من الشراب ونحوه، لحديث أسماء بنت يزيد قالت: “إني قينت عائشة لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ثم جئته فدعوته لجلوتها، فجاء فجلس إلى جنبها، فأتى بعُس لبن، فشرب ثم ناولها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فخفضت رأسها واستحيت. قالت أسماء: فانتهرتها وقلت لها: خذي من يد النبي – صلى الله عليه وسلم -. قالت: فأخذت فشربت شيئًا”.
ويُسن أن يضع يده على مقدمة رأسها، ويسمي الله تعالى ويدعو بالبركة، ويقول ما جاء في قوله – صلى الله عليه وسلم -: “إذا تزوج أحدكم امرأة، أو اشترى خادما، فليأخذ بناصيتها، وليُسمّ الله عَزَّ وَجَلَّ، وليدع بالبركة، وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه”.
ويستحب لهما أن يصليا ركعتين معا؛ لأنه منقول عن السلف، وفيه أثران:
الأول: عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: “تزوجت وأنا مملوك، فدعوت نفرًا من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – فيهم ابن مسعود وأبو ذر وحذيفة، قال: وأقيمت الصلاة، قال: فذهب أبو ذر ليتقدم، فقالوا: إليك! قال: أو كذلك؟ قالوا: نعم. قال: فتقدمت بهم وأنا عبد مملوك، وعلموني، فقالوا: إذا دخل عليك أهلك فصل ركعتين، ثم سل الله من خير ما دخل عليك، وتعوذ به من شره ثم شأنك وشأن أهلك”.
الثاني: عن شقيق قال: جاء رجل يقال له: أبو حريز فقال: إني تزوجت جارية شابة (بكرا) وإني أخاف أن تفركني (تكرهني)، فقال عبد الله (يعني ابن مسعود): “إن الإلف من الله والفِرك من الشيطان يريد أن يكرّه إليكم ما أحل الله لكم، فإذا أتتك فأمرها أن تصلى وراءك ركعتين” زاد في رواية أخرى عن ابن مسعود وقيل: “اللهم بارك لي في أهلي وبارك لهم فيّ، اللهم اجمع بيننا ما جمعت بخير وفرّق بيننا إذا فرّقت إلى خير”.
وينبغي أن يقول حين يجامعها: “باسم الله، اللهم جنّبنا الشيطان، وجنّب الشيطان ما رزقتنا. قال – صلى الله عليه وسلم -: “فإن قضى بينهما ولد لم يضره الشيطان أبدًا”.
وينبغى لهما أن ينويا بنكاحهما إعفاف نفسيهما، وإحصانهما من الوقوع فيما حرم الله عليهما فإنه تُكتب مباضعتهما صدقة لهما، لحديث أبى ذر رضي الله عنه: “أن ناسا من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – قالوا للنبي – صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلى، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم “قال: أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وبكل تكبيرة صدقه، وبكل تهليلة صدقة، وبكل تحميدة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهى عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟! قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر”.
المراجع:
- آداب الزفاف في السنة المطهرة – محمد ناصر الدين الألباني.
- آداب الخطبة والزفاف وحقوق الزوجين – عبد الله ناصح علوان.
- من أحكام الوليمة وآدابها – علي بن عبدالعزيز الراجحي