يوم عرفة.. فضائله وأعماله

تاريخ النشر الأصلي 2020-07-29 14:04:57.

إعداد فريق تحرير موقع "المهتدون الجدد"

يوم عرفة هو أحد مظاهر رحمة الله تعالى بعباده؛ حيث ينزل عليهم النفحات المباركات تلو النفحات؛ حتى يزداد مؤمنهم وطائعهم، وينتبه غافلهم، ويعود شاردهم؛ فبعد شهر رمضان ونفحاته تأتي العشر من ذي الحجة التي تتوج بهذا اليوم المبارك الذي تقال فيه العثرات وتجاب الدعوات وتسكب العبرات ويباهي الله فيه بعباده ملائكة الأرض والسماوات.يوم عرفة خير يوم طلعت فيه الشمس

يوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجّة، وهو اسم للموقف الذي يقف فيه الحُجَّاج. وحدود عرفة مكانيّاً تكون من الجبل الذي يُطِلّ على بطن عُرَنَة، ويشمل الجبال المقابلة، ويمتدّ إلى ما يَلي حوائط بني عامر، ولا يتمّ الحَجّ إلّا بالوقوف فيه، ويبتدئ الوقوف بعرفة منذ فجر اليوم التاسع من ذي الحجّة.

سبب التسمية

اختلف العلماء في سبب تسمية جبل عرفات بهذا الاسم؛ حيث وردت عدّة أسباب لتسميته، وهي: أن آدم وحواء حينما أنزلهما الله من الجنة إلى الأرض، أنزلهما في مكانين مختلفين، فكان موقع جبل عرفات هو المكان الذي التقيا فيه، وتعارفا على بعضهما فيه.

كما ورد أن جبريل كان يطوف إبراهيم عليه السلام ويعلمه المناسك والمشاهد، وكان يطوف به في الجبل، ويردد له قوله “أعرفت، أعرفت”، وكان يرد عليه بقوله “عرفت، عرفت”.

وقيل إنّ الناس يجتمعون في يوم عرفة على صعيد الجبل، ويتعارفون على بعضهم البعض، وعلى ربهم، فهو يوم تتنزل فيه الرحمات، وتعتق فيه الرقاب، وهو من خير الأيام التي يستحب فيها عمل الخير، وصيام ذلك اليوم يكفّر سنة ماضية وأخرى آتية لصاحبه، ولا بد من الإشارة إلى أنه يوم من أيام الأشهر الحرم، فهو اليوم الذي أتمّ الله فيه نعمته على عباده، وأكمل لهم دينهم فيه.

وتعني كلمة “عرفة” المشعر الأقصى من مشاعر الحج، وهو المشعر الوحيد الذي يقع خارج حدود الحرم، حيث يقف الحجاج عليه بعد صلاة الظهر في التاسع من ذي الحجة.

وقيل سمي بذلك لأن الناس يعترفون فيه بذنوبهم، ويطلبون من الله أن يغفرها لهم، وأن يعفو عنهم.

كما قيل إنه مأخوذ من العُرف والذي يعني الرائحة الزكية، لأنّ رائحته تبقى معطرة زكية بالرغم من انتشار رائحة الدم والذبائح في منى يوم النحر، أو لأنه واقع في وادٍ مقدّس.

فضائل يوم عرفة

ليوم عرفة الكثير من الفضائل التي اختصه الله عز وجل بها، منها:

  • يوم عرفة هو اليوم الذي أكمل الله فيه الملة، وأتم به النعمة، قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-: إن رجلا من اليهود قال: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال: أي آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة: 5). قال عمر – رضي الله عنه-: قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.
  • ما رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال في هذه الآية: ﴿وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ﴾ قَالَ: الشَّاهِدُ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَالْمَشْهُودُ: يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالْمَوْعُودُ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ.
  • أحد الأيام العشرة المفضلة في أعمالها على غيرها من أيام السنة، روى البخاري في صحيحه والترمذي في سننه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ”، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم! وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ”.
  • هو يوم المغفرة، وصيامه يكفر سنتين، روى مسلم في صحيحه والترمذي في سننه من حديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ”.

وروى المنذري في الترغيب والترهيب عن ابن المبارك عن سفيان الثوري عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات وكادت الشمس أن تؤوب، فقال: “يَا بِلالُ! أَنْصِتِ لِيَ النَّاسَ”، فَقال: “مَعَاشِرَ النَّاسِ، أَتَانِي جِبْرِيلُ آنِفًا، فَأَقْرَانِي مِنْ رَبِّيَ السَّلَامَ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ غَفَرَ لِأَهْلِ عَرَفَاتٍ وَأَهْلِ الْمَشْعَرِ، وَضَمِنَ عَنْهُمُ التَّبِعَاتِ”، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقال: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا لَنَا خَاصَّةً؟ قَالَ: “هَذَا لَكُمْ وَلِمَنْ أَتَى مِنْ بَعْدِكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ”، فَقَالَ عُمَرُ: كَثُرَ واللهِ خَيْرُ اللهِ وَطَابَ.

  • يوم العتق من النار، روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ عز وجل فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ”.
  • يباهي الله فيه بالحجاج الملائكة، فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: “إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي مَلائِكَتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا”. قال ابن عبدالبر رحمه الله: “وهذا يدل على أنهم مغفور لهم؛ لأنه لا يباهي بأهل الخطايا والذنوب إلا من بعد التوبة والغفران”.
  • هو ركن الحج الأعظم، فمن فاته الوقوف بعرفة، فقد فاته الحج، فقد روى النسائي في سننه من حديث عبدالرحمن بن يعمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الْحَجُّ عَرَفَةُ”.

أعمال يوم عرفة

بعد أن تعرفنا على فضائل يوم عرفة العظيمة فإنه يجدر بنا التشمير عن ساعد الجد والاجتهاد واستثمار كل لحظة من لحظاته، ومن الأعمال المستحبة والمندوبة في هذ اليوم:

  • الاجتهاد في أداء الفراض التي تؤدى في غيره، وتجويدها واستحضار الخشوع والخضوع لله في هذا اليوم العظيم.
  • التعرف على فضائل هذا اليوم واستشعار عظمته في القلوب ومعرفة فضل كل عمل فيه؛ فهذا مما يدفع النفس إلى الاجتهاد والقلب إلى الخشوع فيه.
  • الإكثار من الأعمال الصالحة بصورة عامة؛ فهذا أحد الأيام العشر التي يستحب فيه العمل الصالح، حيث قال صلى الله عليه وسلم: “ما من عمل أزكى عند الله -عز وجل- ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى، قيل: ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء”.
  • الدعاء لله تعالى فخير الدعاء دعاء يوم عرفة: قال -صلّى الله عليه وسلّم-: “خيرُ الدُّعاءِ يومُ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أنا والنَّبيون من قبلي: لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ”.
  • الصيام: حيث للصيام فضائل في تسع ذي الحجة كلها وفي يوم عرفة بصورة خاصة، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر: أول اثنين من الشهر وخميسين” صححه الألباني في كتابه صحيح أبي داود. كما جاء فضل خاص لصيام يوم عرفة دون هذه التسع قال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن صيام يوم عرفة: “يكفر السنة الماضية والسنة القابلة” (رواه مسلم في الصحيح) وهذا لغير الحاج، أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة لأنه يوم عيد لأهل الموقف.
  • التكبير: فقد ذكر العلماء أن التكبير ينقسم إلى قسمين: التكبير المقيد الذي يكون عقب الصلوات المفروضة ويبدأ من فجر يوم عرفة، لكن قال ابن حجر –رحمه الله-: ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث، وأصح ما ورد عن الصحابة قول علي وابن مسعود -رضي الله عنهم- أنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى”.

المصادر:

  • موقع الألوكة.
  • موقع موضوع.
  • موقع صيد الفوائد.
  • موقع البيان.

مواضيع ذات صلة